مقدمة:
يرتبط الفلسطيني بأرضه بشكل عام وتربطه علاقة وثيقة وخاصة مع شجرة الزيتون، لا ينفك الفلسطيني بالدفاع عن أرضه وعن موروثه المتمثل بشجرة الزيتون، والتي ترتبط بشكل مباشر مع تاريخه وذكرياته ورمز صموده وتحديه للاحتلال والمستعمرين. فعندما زرع الفلسطينيون الأوائل أشتال الزيتون، كان واضحا ان الهدف لم يكن اقتصاديا بحتاً وبشكل أساسي، حيث ظهر جليا ان البداية كانت تعبير مكثف عن حب الفلسطيني لأرضه، وتجسيداً لهويته وحماية لأرضه من خطر وغول أي استعمار او أي دخيل. كما شجرة الزيتون، دفع الفلسطيني من دمه أكثر من 150 ألف شهيد منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، وبنفس الدرجة حصد الاحتلال أرواح قرابة المليون شجرة زيتون على مدى سنين الصراع.
حيث يشكّل موسم قطف الزيتون حدثًا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيًا رئيسيًا عند الفلسطينيين. فإسرائيل ملزمة، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، بضمان مشاركة الفلسطينيين في هذا النشاط والاستفادة الكاملة منه. ويشمل ذلك ضمان وصول المزارعين إلى أشجار الزيتون على مدار العام، وحماية أشجارهم وممتلكاتهم الزراعية من التلف والسرقة.
كما يبدو واضح ان الاحتلال في ظل تخطيطه المستمر لتهويد الأراضي وقضم الضفة الغربية وضمها والسيطرة على ما يسمى المنطقة (ج) حسب اتفاقية أوسلو – والتي تشكل أكثر من 60 % من مساحة الضفة الغربية – لا يخفي تركيز حقده ضد شجرة الزيتون وأصحابها، فمنذ السابع من أكتوبر 2023 وفي ظل حرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة والضفة الغربية عَكّر الاحتلال صفو موسمي قطف زيتون متتالين، موسم العام 2023 وموسم العام 2024. حيث يعتاش بشكل كلي او بشكل جزئي قرابة ال مائة ألف عائلة في الضفة وقطاع غزة على موسم قطف الزيتون، من خلال بيع زيت الزيتون والذي يعتبر كمصدر دخل لهم. خلال هذين الموسمين قضى [1]29 فلسطيني نحبهم وقتلوا بدم بارد داخل حقول زيتونهم على يد مليشيات المستعمرين المسلحة والمدعومة حكوميا وتحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
تبلغ المساحة الكلية للأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة 6,025,000 دونما (1 هكتار = 10 دونم)، حيث تبلغ المساحة المزروعة منها حوالي 1,138,522 دونما، أي 18.9% من إجمالي المساحة الكلية، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالضفة الغربية 1,048,833 دونما (18.5% من مساحة الضفة، 17.4% من المساحة الكلية للأراضي الفلسطينية المحتلة). فيما بلغت المساحة المزروعة بأشجار البستنة في الضفة الغربية 640,860 دونما (61.1% من إجمالي المساحة المزروعة). حيث بلغت المساحات المزروعة بأشجار الزيتون 575,167 دونما أي 85% من اجمالي المساحات المزروعة بأشجار البستنة[2].
وعلى امتداد سنوات الاحتلال شكلت شجرة الزيتون عنوان وجود وصمود، فمن أجل حماية الأرض من غول الاستعمار، ومن سياسة الاحتلال بشكل عام، أخذ الفلسطينيون يتوسعون في زراعة شجرة الزيتون، وخاصة في السنوات الأخيرة بعد انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، فقد كانت مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون عام 2010 نحو 462824 دونما، منها نحو 21509 في قطاع غزة، وأصبحت في العام 2021 نحو 575167 دونما، منها 33633 دونما في قطاع غزة[3].
يُشكّل قطف الزيتون في الضفة الغربيّة ركيزة أساسيّة في الاقتصاد الفلسطينيّ، وهو من أهمّ مصادر الدّخل بالنسبة لعشرات آلاف العائلات. حيث تفيد تقديرات البنك الدولي ومركز التجارة الفلسطينيّ بأنّ محصول الزيتون في المواسم الجيّدة يدرّ على الاقتصاد الفلسطينيّ عائدات تبلغ نحو 200 مليون دولار. غير أنّ الاحتلال الإسرائيلي يفرض على القطاف في كلّ موسم قيوداً مشدّدة – رسمية وغير رسميّة. حيث أن نحو 50% من المزارعين الفلسطينيّين لم يتمكّنوا من قطف الثمار عن أشجارهم.
ووفقا لوزارة الزراعة الفلسطينية، تشكل صناعة زيت الزيتون 25 % من الدخل الزراعي للأرض الفلسطينية المحتلة، وتسهم في سبل العيش لما يقرب من 96,510 أسرة. ويبلغ الناتج الإجمالي لموسم 2023 المنخفض أصلا بسبب تغير المناخ والتقلبات الجوية وتبادل الحمل لدى شجرة الزيتون بنحو 12,000 طن من الزيت، بانخفاض كبير قدره 67% عن العام 2022 (36,000 طن) حيث كان الانتاج أكثر حملا. وهذه الكمية لا تكفي لتغطية الاستهلاك السنوي للزيت في فلسطين حيث في العادة يحتاج السوق المحلي الفلسطيني لما يقارب 18,000 طن زيت زيتون وباستهلاك سنوي يقدر من 3 الى 3.5 كيلو غرام للفرد الواحد والباقي يتم تصديره للسوق الخارجي خاصة الى البلدان العربية. وكان من المتوقع ان يتم انتاج ما يقارب 1,500 الى 2,000 طن من زيت الزيتون في قطاع غزة وحدها، ولكن بسبب العدوان الاسرائيلي على القطاع، لم يستطع مزارعو القطاع من قطف ثمار الزيتون في الأراضي الزراعية نظرا لخطورة الامر والقصف اليومي المستمر على معظم قطاع غزة المحتل، وانقطاع الكهرباء والماء ومنع دخول الوقود الامر الذي منع تشغيل معاصر الزيتون البلغ عددها 40 معصرة في قطاع غزة.[4]
ووفقًا لقطاع الأمن الغذائي، وهو شراكة بين عشرات المنظمات الإنسانية، تكبد المزارعون الفلسطينيون خسارة إجمالية تقدر بما يزيد عن 1,200 طن متري من زيت الزيتون خلال موسم قطف الزيتون للعام 2023، مما أدى إلى انتكاسة اقتصادية مباشرة بلغت 10 ملايين دولار أمريكي. وتأثرت محافظات شمال الضفة الغربية (طولكرم وقلقيلية ونابلس) تأثيرًا جسيمًا على وجه الخصوص.
وفقًا لما رصده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في شمال الضفة الغربية، كان إنتاج الزيتون للعام 2023 في المنطقة التي يفصلها الجدار أقل بنسبة 93 بالمائة بالمقارنة مع الإنتاج في المناطق التي يمكن الوصول إليها. وفي المتوسط، شهدت الفترة الواقعة بين عامي 2011 و2022 انخفاضًا بنسبة 74 بالمائة، على حين شهدت الفترة الواقعة بين عامي 2010 و2022 انخفاضًا بنسبة 60 بالمائة.[5]
وبناء على هذه التحديات لم يستطيع المزارعون الفلسطينيون في [6]90 تجمع فلسطيني تقريبا ويملكون أراضي في محيط 56 مستوطنة إسرائيلية وبؤرة استيطانية، الوصول إلى أراضيهم الا من خلال التنسيق المسبق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية، ولعدد محدود من الأيام خلال مواسم الحصاد والحراث. واليوم، تبلغ مساحة الأراضي الفلسطينية المزروعة بأشجار الزيتون والواقعة غرب جدار الفصل العنصري الإسرائيلي حوالي 87,962 دونم، والتي تساوي تقريبا 15.3% من مساحة الأراضي الفلسطينية الزراعية المزروعة بأشجار الزيتون في فلسطين، بحسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، (التعداد الزراعي 2021).
الأطراف المعنية والإجراءات التي يمكن ان يتخذها كل طرف
1- الاحتلال الاسرائيلي
- الإدارات الرسمية (حكومة الاحتلال، والجيش، والإدارة المدنية)
استغلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة الحرب على قطاع غزة وقامت بإجراء تعديلات على قانون فك الارتباط والذي بموجبه يسمح بعودة الاستيطان الى شمال الضفة الغربية من بوابة مستعمرة حومش، جنين، شمال الضفة الغربية، والتي اخليت في العام 2005 واعيد الاستيطان فيها في العام 2021. ومن أبرز القرارات الإسرائيلية التي اثرت بشكل مباشر على حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم القرار 657 والذي يعتبر تعديل للقرار رقم 150 للعام 1996 حيث يخول هذ القرا وزير المالية الإسرائيلي من اتخاذ قرارات سريعة للمصادقة على عملية استخدامات الأراضي في الضفة الغربية مما يسرع خطوات المصادقة على مخططات توسعة المستعمرات.
كما أعلنت حكومة الاحتلال بشكل صريح عن ضمن الضفة الغربية وخاصة المنطقة المصنفة (ج) والتي تعتبر مصدر الغذاء للفلسطينيين، وكذلك الإعلان عن الغاء الخط الأخضر من خلال التوسع الاستعماري الزراعي.
- المستوطنون (المليشيات المسلحة، فتية التلال، المؤسسات والمنظمات الاستيطانية)
ظهر بشكل واضح الدعم المقدم لتعزيز الاستيطان[7] في الضفة الغربية حيث توصل وزير مالية الاحتلال سموتريتش ووزيرة النقل ميري ريغف الى اتفاق للاستثمار في تحديث وتعبيد طرق جديدة في الضفة الغربية خلال العامين (2024 و 2025)، حيث تم تخصيص مبلغ 941 مليون دولار من موازنة الحكومة لهذا الهدف، منها 538 مليون دولار لتطوير الطريق الاستيطاني المعروف برقم 60 و 134 مليون دولار لتوسعة الطريق بين مستعمرة ارئيل ومفترق تبواح، و98 مليون دولا لتطوير طريق المجلي الإقليمي بيت إيل و54 مليون دولار لطريق يلتف حول قرية الفندق شمال الضفة الغربية. خلال أكتوبر 2023 افتتحت وزيرة النقل ميري ريغيف طريق (ليف هشومرون) – قلب السامرة-، والذي يبلغ طوله 7.5 كم وبلغت تكلفته 96 مليون دولار لتخدم 4 مستعمرات في محافظة نابلس (يتسهار وايتامار وهار براخا والون موريه)، حيث تطلب انشاء هذا الطريق الى مصادرة وتجريف حقول الزيتون (تشير التقديرات ان 8500 شجرة زيتون جرى اقتلاعها لتنفي هذا المسار) لقرى بورين وحوارة وبيتا وعوتا وياسوف ويتما والساوية وفق أوامر استيلاء ومصادرة.
2- السلطة الفلسطينية
- الحكومة الفلسطينية (وزارة الزراعة جهة الاختصاص لدعم القطاع الزراعي)
بلغ الإنفاق الفعلي المخصص لوزارة الزراعة (156.1)[8] مليون شيكل، من أصل (17,870.5) مليون شيكل الإجمالي الكلي للنفقات الفعلية السنوية للموازنة العامة 2023، أي ما نسبته (0.9%) من إجمالي النفقات.
وتبعاً لتقرير الإنفاق الفعلي السنوي للعام 2022 الصادر عن وزارة المالية، فقد بلغ الإنفاق الفعلي المخصص لوزارة الزراعة (153.3) مليون شيكل، من أصل (16,197.6) مليون شيكل الإجمالي الكلي للنفقات الفعلية السنوية للموازنة العامة 2022، أي ما نسبته (0.9%) من إجمالي النفقات.
حيث تظهر أرقام الانفاق الفعلي السنوي المقارن لوزارة الزراعة 2022-2023:
أولاً: الإنفاق الفعلي السنوي لوزارة الزراعة في العام 2023، ارتفع بشكل محدود عن الانفاق الفعلي 2022، حيث ارتفع الانفاق الفعلي من (153.3) مليون شيكل في العام 2022، الى (156.1) مليون شيكل، وبزيادة كميّة محدودة مقدارها (2.8) مليون شيكل.
ثانياً: بقيت نسبة الانفاق الفعلي على وزارة الزراعة في حدود الـ (0.9%) من اجمالي النفقات العامة في فلسطين في العام 2022، والعام 2023، وهي نسبة منخفضة ولا تتناسب واهمية قطاع الزراعة.
ثالثاً: الإنفاق الفعلي على بند الرواتب والأجور، والمساهمات الاجتماعية، كان مرتفعاً في العام 2023 مقارنة مع 2022، وإن كان بنسبة ضئيلة، ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى الزيادة الدورية السنوية في الرواتب، والترقيات.
رابعاً: الانفاق الفعلي على بند السلع والخدمات، انخفض في العام 2023 مقارنة مع 2022، حيث انخفض الانفاق الفعلي من (21.3) مليون شيكل في العام 2022 إلى (20.2) مليون شيكل في العام 2023.
خامساً: انخفضت النفقات التطويرية، من (47.6) مليون شيكل في العام 2022، إلى (44.2) مليون شيكل في العام 2023.
سادساً: مازال الانفاق الأكبر لوزارة الزراعة يتركز في بند الرواتب والأجور، ويشكل أكثر من نصف الاتفاق المخصص للوزارة.
وهذا يظهر مدى تخصيص الحكومة الفلسطينية موازنات لدعم القطاع الزراعي وخاصة في ظل حرب الإبادة على غزة، هذا لو تنشر الحكومة الفلسطينية تقرير الانفاق الفعلي السنوي للعام 2024 حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
3- المبادرات الرسمية والأهلية
(الفزعة): حملة نظمتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لمساعدة المزارعين على الوصول إلى أراضيهم، وقطف ثمار الزيتون، حيث تهدف إلى “حماية المواطنين في أكثر المناطق تعرضاً للاعتداءات وتقديم يد العون لهم والعمل على إيصالهم إلى المناطق التي يغلقها المستعمرون، لكي تفشل مخططات الاحتلال التي تستهدف الموسم الوطني المتجذر عميقاً في وجدان الشعب الفلسطيني. وتتركز حملة الهيئة لقطف الزيتون في المناطق التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين والقريبة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية”.
(صمود وتضامن): هو عنوان الحملة التي أطلقها اتحاد لجان العمل الزراعي للتضامن ومساندة المزارعين في موسم قطف الزيتون للعام 2024، حيث شارك فيها 22 متضامن دولي واستهدفت 14 تجمعا في المناطق الأكثر خطرا في مناطق جنوبي نابلس وشرق رام الله وغرب بيت لحم، وهي حملة سنوية يطلقها الاتحاد للعمل التطوعي لمساعدة المزارعين في موسم قطف الزيتون.
(احنا معكم): هي حملة تطوعية سنوية تطلقها جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) خلال موسم حصاد الزيتون، بهجف مساعدة المزارعين في الصول الى أراضيهم والمساهمة في توفير الحماية لهم من الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين. حيث شملت 20 موقعا جغرافيا في الضفة الغربية، واستمرت 21 يوما.
بالإضافة للأمثلة أعلاه أطلقت العديد من المؤسسات المحلية والأهلية والدولية العديد من المبادرات لدعم المزارعين في موسم قطف الزيتون.
انتهاكات الاحتلال وأذرعه خلال عامي 2023 و2024
بلغت المساحات المصادرة في العام 2023 و2024[9] (من بداية 2023 حتى منتصف العام 2024) 77376 دونما، بزيادة ثلاثة اضعاف عن العام 2022 (26 ألف دونم)، وعلى الصعيد الاستيطاني تم دراسة 212 مخطط هيكليا بواقع 27136 وحدة سكنية استعمارية، حيث تستولي هذه المخططات على 17881 دونما من أراضي المواطنين في الضفة والقدس. وأقيمت 17 بؤرة استعمارية في نفس الفترة، وكذلك تم شرعنة 11 بؤرة استعمارية وتحويلها الى مستعمرات تحظى بمخصصات وامتيازات الحكومة الاسرائيلية
وعلى مستوى الاعتداءات والانتهاكات المسجلة بحق المواطنين وممتلكاتهم فقد تم توثيق 19842 اعتداء نفذت من قبل الاحتلال وأذرعه المختلفة. وأدت الى استشهاد 859 فلسطينيا في الضفة والقدس منهم 648 شهيد بعد السابع من أكتوبر 29 شهيدا أعدموا بدم بارد على ايدي ميليشيات المستعمرين المسلحة.
أدت هذه الانتهاكات الى تهجير [10] 30 تجمعا بدويا فلسطينيا مكونة من 282 عائلة فلسطينية (1635 فرد). وعلى مستوى الانتهاكات على القطاع الزراعي جرف الاحتلال 7152 دونما، وتعرضت الأشجار الى 544 انتهاك واعتداء أدت الى اقتلاع وقطع وحرق 31688 شجرة منها 23061 شجرة زيتون.
إن ارهاب المستعمرين بحماية جيش الاحتلال، ومشاركتهم في الاعتداء على المواطنين في موسم قطاف الزيتون، بدأ مبكرا هذا العام (2024)، في مختلف محافظات الضفة الغربية، بدءا بمنع المزارعين من الوصول الى حقولهم، مرورا بالسطو على المحصول، وحرق أشجار الزيتون، وانتهاء بإطلاق النار عليهم، وهو ما أدى إلى استشهاد المواطنة حنان ابو سلامه (59 عاما) برصاص الاحتلال، من بلدة فقوعة – جنين، شمال الضفة الغربية.
وعلى مستوى الاعتداءات والانتهاكات المسجلة بحق المواطنين وممتلكاتهم خلال موسم قطف الزيتون (أكتوبر ونوفمبر 2024) فقد تم توثيق 2,886 اعتداء نفذت من قبل الاحتلال وأذرعه المختلفة، منها 670 من قبل مليشيات المستعمرين، منها 136 انتهاك على الأراضي والثروات الطبيعية وعلى مستوى الانتهاكات على القطاع الزراعي تعرضت الأشجار الى93 انتهاك واعتداء أدت الى اقتلاع وقطع وحرق 3,207 شجرة منها 3,101 شجرة زيتون. منها 711 انتهاك ضد الممتلكات منها 8 لمصادرة محصول الزيتون من قبل جيش الاحتلال، و60 حالة سرقة محصول الزيتون من قبل المستعمرين و42 سرقة معدات الزيتون.
ونتيجة لهذه الانتهاكات لم يتمكن المزارعين من الوصول إلى 80 ألف دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون، ما من شأنه أن يؤدي إلى فقدان نحو 15% من محصول الموسم لهذا العام (2024).
جدار الفصل العنصري والمستعمرات الاسرائيلية
يمتلك الفلسطينيون في نحو 150 تجمعًا فلسطينيًا في شتى أرجاء الضفة الغربية أراضي مزروعة بأشجار الزيتون في المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر والجدار المقام حول الضفة الغربية. ومن خلال التقاضي، تمكن المزارعون منذ فترة طويلة من زيادة عدد البوابات التي أقامتها السلطات الإسرائيلية على طول الجدار. وعلى الرغم من تخصيص 69 بوابة لأغراض الزراعة، إلا أنه لا يسمح بالوصول عبر معظمها على مدار السنة. وبدلا من ذلك، كانت معظم البوابات الزراعية تفتح فقط خلال موسم قطف الزيتون، لفترة محدودة كل يوم. ومع ذلك، قررت السلطات الإسرائيلية إبقاء جميع البوابات مغلقة في أعقاب 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولم تفتح البوابات لموسم قطف الزيتون للعام 2023 و2024 سوى على أساس استثنائي.
وفضلا عن ذلك، أفاد المزارعون الفلسطينيون بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي منعهم من الوصول إلى الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون التي لا يفصلها الجدار والتي تقع على بعد نحو 150 مترًا منه، على جانب «الضفة الغربية.»
إن إمكانية وصول الفلسطينيين إلى الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون مقيدة بسبب وجود المستوطنات الإسرائيلية والممارسات المرتبطة بها. حيث يمتلك الفلسطينيون، فيما لا يقل عن 110 تجمع من التجمعات السكانية في شتى أرجاء الضفة الغربية، أراضٍ داخل 56 مستوطنة إسرائيلية أو بالقرب منها. وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية منذ فترة طويلة أن معظم هذه الأراضي مصنفة على أنها «منطقة عسكرية مغلقة» ولا يجوز للمزارعين الفلسطينيين الوصول إليها إلا من خلال تصريح خاص من السلطات الإسرائيلية، والذي يمكن منحه لأيام محدودة خلال مواسم قطف الزيتون أو حراثة الأراضي.
يقع ما يقرب من نصف الأراضي التي تطلبت تصاريح عسكرية مقررة في محافظة نابلس، تليها سلفيت وقلقيلية، بينما تتوزع البقية بين محافظات رام الله والخليل وبيت لحم. ومع ذلك، في موسم قطف الزيتون للعام 2023، لم تسمح السلطات الإسرائيلية بمثل هذا الوصول في معظم المواقع التي تتطلب عادة تصريحًا مقررًا.
وفضلا عن ذلك، تم رفض وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أشجار الزيتون في المنطقة (ج) بالضفة الغربية، حيث كان من الممكن الوصول إلى هذه الأراضي في السابق دون أي نوع من القيود. وتم تمييز هذه القيود الجديدة من خلال التلال الترابية وبوابات الطرق المغلقة والكتل الأسمنتية. وعلاوة على ذلك، أفادت التقارير بأن المنطقة (ب) من الضفة الغربية شهدت حالات من رفض الوصول. فعلى سبيل المثال، تم رفض وصول المزارعون إلى نحو 700 دونم في قرية قريوت (نابلس)، و1,900 دونم في ترمسعيا (رام الله).
قرية بورين: شاهد على عنف المستوطنين بين موسمي 2023 و2024
أوضح رئيس مجلس محلّي قرية بورين، إبراهيم عمران[11]، إنّ نحو 12,000 دونم من الأراضي الزراعيّة التابعة لقريته، وتشكّل ثلثي إجمالي أراضي القرية، مصنّفة ضمن المنطقة (ج)، بما في ذلك نحو 1,000 دونم مزروعة فيها 16,000 شجرة زيتون. تمّ تخصيص يومين فقط لسكان القرية لقطف الزيتون، لكنّها ألغيت فور بدء الحرب. وإنّ نحو 70% من سكّان القرية يعتمدون في دخلهم على موسم قطاف الزيتون، وبسبب القيود على القطاف فقد خسروا عشرات آلاف الشواقل، هي الدخل الذي يشكل أساس رزقهم خلال السّنة كلها. والحديث هنا عن أموال مُعدّة لسداد التزامات مختلفة، مثل بدل إيجار، بناء منزل، أقساط جامعية، إلخ. معنى هذا أنّ منع القطاف في هذا الموسم قد أثّر عليهم بصورة مباشرة.
التوصيات:
- الجهات الرسمية والحكومية: يلاحظ من تحليل الانفاق الفعلي السنوي المقارن لوزارة الزراعة للعامين 2022 – 2023، أن الانفاق الفعلي ارتفع في العام 2023، عما كان عليه في العام 2022، ولكن بشكل محدود، ونسبة “حصة” وزارة الزراعة من اجمالي النفقات كانت بذات المستوى في العامين 2022-2023، وما زالت في حدود الـ (1%) فقط، حيث انخفض الانفاق على بند النفقات التطويرية، رغم أهميته، وهنا من المهم أن يتم العمل على زيادة حصة وزارة الزراعة الى 5% من مجمل موازنة السلطة الفلسطينية، وتركيز هذه الزيادة على النفقات التطويرية والداعمة بشكل مباشر لصمود المزارعين في أراضيهم.
- الجهات الاهلية والشعبية: العمل على برنامج وطني موحد لحماية القطاع الزراعي بشكل عام وبساتين الزيتون بشكل خاص، يهدف للعمل بشكل جماعي لدعم ومساندة المزارعين في الوصول الى أراضيهم وحقولهم باستمرار وليس فقط خلال موسم قطف الزيتون.
- المبادرات والحملات: نشر الوعي بأهمية العمل التطوعي وقيم التعاون، وتنفيذ حملات جماعية تستهدف الشباب للانخراط في حملات قطف الزيتون المتركزة في الريف الفلسطيني، وهي دعوة ليتكاتف فيها المخيم والمدينة مع الريف.
- المانحين والممولين: توجيه الدعم والتمويل نحو دعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والتركيز على أهمية التوسع في زراعة أشجار الزيتون لتعويض النقص القائم من انتهاكات الاحتلال ومليشيات المستعمرين.
- التوثيق والمراقبة: توثيق انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بشكل ممنهج لفضح جرائم الاحتلال هذا من جهة، وتوثيق ومتابعة المشاريع الاستعمارية الاستيطانية في الضفة الغربية والاستثمارات الأجنبية فيها لمحاسبتها ووقف اعمالها.
مؤيد بشارات
المصدر الأصلي للورقة على: الرابط
***
[1] بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بين عامي 2023 و 2024
[2] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (2022). التعداد الزراعي، 2021. رام الله – فلسطين
[3] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (2022). التعداد الزراعي، 2021. رام الله – فلسطين
[4] احصائيات وزارة الزراعة الفلسطينية
[5] مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية – الأرض الفلسطينية المحتلة – أوتشا. (22 شباط, 2024). موسم قطف الزيتون للعام 2023: عرقلة إمكانية الوصول تؤثر سلبيًا على المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
[6] المصدر السابق
[7] هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. (2023). أبرز انتهاكات دولة الاحتلال والمستعمرين في الاراضي الفلسطينية المحتلة، التقرير السنوي. رام الله -فلسطين.
[8] موازنة المواطن – فلسطين. (2023)، تقرير الانفاق الفعلي 2022 و2023
[9] هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. (2024). أبرز انتهاكات جيش الاحتلال والمستعمرين في الاراضي الفلسطينية المحتلة – التقرير السنوي. رام الله – فلسطين. وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان. (2023). أبرز انتهاكات جيش الاحتلال والمستعمرين في الاراضي الفلسطينية المحتلة – التقرير السنوي. رام الله – فلسطين.
[10] المصدر السابق
[11] بتسيلم، مركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة. (14 شباط, 2024). إسرائيل تذرّعت بالحرب في غزّة لفرض قيودٍ مشدَّدة على قطف الزيتون في الضفة الغربيّة في العام 2023.
الــمــراجــع
- TRT عربي. (24 اكتوبر, 2024). كيف مر موسم قطف الزيتون على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية؟ تم الاسترداد من https://www.trtarabi.com/: https://tinyurl.com/mrn6thcr
- الاندبندنت العربية. (17 اكتوبر, 2024). فلسطينيو الضفة يدفعون دماءهم ثمنا لقطف الزيتون. تم الاسترداد من https://www.independentarabia.com/: https://rb.gy/f5gwnq
- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (2022). التعداد الزراعي، 2021. رام الله – فلسطين.
- بتسيلم، مركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة. (14 شباط, 2024). إسرائيل تذرّعت بالحرب في غزّة لفرض قيودٍ مشدَّدة على قطف الزيتون في الضفة الغربيّة في العام 2023. تم الاسترداد من https://www.btselem.org/: https://rb.gy/c26mit
- معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج). (9 نوفمبر, 2023). الذهب الأخضر (زيت الزيتون) الأكثر ندرة هذا الموسم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. تم الاسترداد من https://www.arij.org/: https://rb.gy/b3umce
- مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية – الأرض الفلسطينية المحتلة – أوتشا. (22 شباط, 2024). موسم قطف الزيتون للعام 2023: عرقلة إمكانية الوصول تؤثر سلبيًا على المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية. تم الاسترداد من https://www.ochaopt.org/: https://rb.gy/gbylhd
- موازنة المواطن – فلسطين. (2023). تم الاسترداد من https://rb.gy/r6pwmq https://citizenbudget.ps/:
- هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. (2023). ابرز انتهاكات دولة الاحتلال والمستعمرين في الاراضي الفلسطينية المحتلة، التقرير السنوي . رام الله -فلسطين.
- هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. (2024). أبرز انتهاكات جيش الاحتلال والمستعمرين في الاراضي الفلسطينية المحتلة – التقرير السنوي. رام الله – فلسطين.
- وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية – وفا. (19 اكتوبر, 2024). تقرير: معاناة المزارعين في موسم قطاف الزيتون هذا العام أشد قسوة بسبب إرهاب الاحتلال ومستعمريه. تم الاسترداد من https://www.wafa.ps/: https://tinyurl.com/mwt8fhc9