الجزء الثالث: صمود عتيقة الفيزازي الطويل في معركتها دروس وعبر



معارك العاملات والعمال الزراعيين بمنطقة سوس ماسة ضد الاستغلال ومن أجل الدفاع عن الحق النقابي

نموذج معركة المناضلة النقابية عتيقة الفيزازي ضد شركة ديروك: مساهمة في استخلاص دروس وعبر لنضالات الطبقة العاملة

شكل صمود عتيقة الفيزازي كنقابية وكعاملة زراعية لمدة 8 أشهر و3 أسابيع كاملة في المعتصم مثال التفاني والتضحية من أجل الدفاع عن مكسب الحق النقابي. كان بمثابة صخرة تكسرت عليها جميع هجومات شركة ديروك، وتعديات حراسها المتكررة لتخريب “عشة” المعتصم واتلاف اللافتات، وتعنيفها جسديا، واستفزازاتهم لتكسير معنوياتها والنيل من عزيمتها. كما واجهت عتيقة جميع أنواع الدعايات التضليلية للطعن في شرعية مطلبها والإساءة الى كرامتها كامرأة مناضلة.

توسع التضامن العمالي

أبانت المكاتب النقابية بمنطقة شتوكة عن تضامن عمالي غير مسبوق بتسطير برامج نضالية تصعيدية منتظمة بالتناوب على الزيارات التضامنية للمعتصم، وتنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية سواء أمام مقر إدارة الشركة أو باشوية أو درك خميس أيت عميرة. كما قامت القاعدة العمالية بشركة ديروك بإضرابات تضامنية.

وكانت هناك أيضا عديد من البيانات والزيارات التضامنية من عديد من المنظمات والمكاتب النقابية والجمعيات وتيارات سياسية. كما نظمت قافلتين تضامنيتين جهويتين مع معركة عتيقة الفيزازي من أجل الدفاع عن الحق النقابي.

حملات التضامن الدولية

يكتسي التضامن الأممي أهمية كبيرة بالنسبة للمعارك العمالية. فقد كان للرسائل الاحتجاجية القادمة من أوروبا التي تصدر إليها ديروك منتوجاتها الفلاحية، وبالخصوص من بريطانيا التي تعد سوقا رئيسيا لها، وقع كبير على الشركة والذي تجلى في الرسالة التوضيحية لمديرة مواردها البشرية. كما تجلى في محاولات شركة ديروك إقامة دعوى ضد الفرع المحلي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في شخص كاتبه العام ميلود الحمزاوي، وهو أيضا الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للعمال الزراعيين، الذي استدعاه الدرك الملكي لاستماع أقواله بخصوص مزاعم ديروك التي تقول بأن النقابة تشهر بالشركة على صفحات التواصل الاجتماعي.

وسبق أن نظمت حملة تضامن دولية مع معركة عمال ضيعة “لاكليمانتين” التابعة لمجموعة بناني سميرس وهي نفسها التي تملك ديروك، والمتواجدة بأزمور في الطريق الساحلي إلى الجديدة، وذلك في دجنبر 2004 حيث تعرضت للقمع الشرس. وشكلت هذه الحملة دعما معنويا للعمال وضغطا كبيرا على الشركة.

ونظمت حملات تضامن دولية عديدة مع نضالات العاملات والعمال الزراعيين بالمغرب، وخاصة بمنطقة سوس (ماريسا 2010، صوبروفيل-روزا في 2014، إلخ)، حيث حازت تجربتهم النقابية صيتا أمميا واسعا.

مكاسب للعاملات والعمال الزراعيين في شركات فلاحية أخرى بالمنطقة

ساهمت معركة الحق النقابي لعتيقة الفيزازي وما رافقها من تعبئة نضالية واسعة في انتزاع مكاسب نوعية (رفع الأجور، إرجاع المطرودين، تسوية وضعية الضمان الاجتماعي، إلخ) في عديد من الشركات الفلاحية منها محطات التلفيف كاليبريم، وسانكروبس، وصوبروفيل، وروزا فلور، وفروتا راكيل، إلخ. فقد تدعمت وحدة العمال النضالية على مستوى القواعد وتقوى التضامن، مما زاد من خوف الباطرونا الزراعية بمنطقة شتوكة أيت باها، وبدأت بفتح مفاوضات مع المكاتب النقابية توجت بتحقيق مكاسب.

تدبير عمالي للمعتصم

كان معتصم عتيقة أمام شركة ديروك نقطة التقاء نضالية مركزية ساعدت في خوض نقاشات بين العاملات والعمال والمتضامنين محليا ووطنيا ودوليا في كيفيات توسيع التضامن ضد تعديات الباطرونا الزراعية ومن أجل صون الحق النقابي. وتناوب على المعتصم نقابيات ونقابيين من الفرع المحلي بشتوكة أيت باها، يقومون بحماية المعتصم من خلال المبيت الليلي، وتقديم الدعم المعنوي، وتنظيم الدعم المادي لعتيقة. كان المعتصم بمثابة عرس نضالي يومي تسود فيه أجواء الفرح والالتحام العمالي الحقيقي، ويستقبل من حين الى آخر مناضلين ومناضلات آخرين قادمين من مناطق أخرى يتقاسمون الطعام والمبيت والنضال والأمل في الانتصار.

ضد الخط النقابي المهادن والمتواطئ

كشفت المعركة من أجل الحق النقابي لعتيقة وطابعها الكفاحي عن محاولات التواطؤ مع إدارة شركة ديروك لإفشالها. وتجلى ذلك أساسا في توقيع الكاتب الجهوي سوس ماسة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (ومعه كاتب مكتب ديروك) على محضر اتفاق خياني دون استشارة عتيقة، والترويج لسلسلة من الأضاليل منها أن ملف عتيقة سوي نقابيا، وأن المعركة النقابية تدخلت فيها أطراف أخرى لها مصالح أخرى، أو أصبح لها بعد سياسي، إلخ. وكان لهذا التشويش أثر سلبي على دينامية المعركة، واستغلته شركة ديروك لتشديد هجومها على المعركة مروجة أن الجهوية وحتى الوطنية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي متفهمة وتريد حل النزاع، وأن الفرع المحلي لشتوكة ايت باها هو العائق أمام أي حل. كانت قيادة الفرع الجهوي سوس ماسة صامتة إزاء جميع محاولات توسيع التضامن مع المعركة محليا وجهويا ووطنيا. كما أن انخراط الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في حركة نهج المزارعين الدولية (لافيا كامبسينا) لم يستثمر في توسيع الحملة الدولية.

هذا الخط النقابي المهادن والمتواطئ مع الباطرونا الزراعية، لا يثق في مقدورات الطبقة العاملة النضالية، ويريد أن يحل محلها في التفكير واتخاذ القرار، ويراهن على حسن نية الباطرونا، ومستعد دائما للتنازل لهذه الأخيرة من أجل إرضائها على حساب حقوق ومكاسب العاملات والعمال. إنه يدافع عن السلم الاجتماعي مع أرباب عمل جشعين، لا يطبقون مقتضيات مدونة الشغل، والتصريح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحوادث الشغل، والأمراض المهنية، ولا يوفرون وسائل نقل لائقة، ويكنون العداء الشديد للنقابيات والنقابيين من خلال طردهم وطبخ ملفات كاذبة وتقديمهم للمحاكم، إلخ. وتكون السلطة ومفتشية الشغل دائما بجانبهم.

دفاعا عن خط نقابي كفاحي

هذا الخط النقابي المهادن والمتواطئ هو متطفل على الطبقة العاملة، ويتناقض بالكامل مع الخط النقابي الكفاحي الذي يريد أن يتنزع مكسب حقيقية للعاملات والعمال، وينمي وعيهم بضرورة النضال، والتضامن والوحدة، وتوسيع الديمقراطية القاعدية في اتخاذ القرارات وتسيير المعارك. هذا هو جوهر الصراع الدائر اليوم في صفوف العاملات والعمال الزراعيين بمنطقة سوس ماسة، بين:

 1. خط نقابي بيروقراطي يقرر من الفوق، ومتواطئ مع الباطرونا الزراعية والسلطة لكسر التجارب الكفاحية، ويحارب النقابيات والنقابيين الصادقين، ويزرع التقسيمات، وينشر الأكاذيب، ويكبح أي تطور أو مبادرة من القاعدة لبناء النقابة الوطنية للعمال الزراعيين على المستويات المحلية والجهوية والوطنية. هذا الخط يشن بشكل خاص حربا على بناء النقابة الوطنية للعمال الزراعيين بغاية خنق التجربة النقابية الكفاحية للعاملات والعمال الزراعيين بمنطقة سوس ماسة. وتلتقي مصلحتها في ذلك مع الباطرونا الزراعية ودولتها العازمة على توفير شروط ضمان خنوع الطبقة العاملة الزراعية عبر تكسير النقابة القاعدية. وسمح هذا بدخول بعض عناصر الفساد النقابي في موقع الوسيط المنتفعين والمدعمين لمصالحهم الخاصة على ظهر الطبقة العاملة، وتدرجهم في المسؤوليات داخل النقابة ونيل دعم خاص جهويا ووطنيا من خلال مشاركتهم في عديد من الأنشطة والتمثيليات الجهوية والوطنية.

2. خط نقابي كفاحي يسعى الى رفع وعي العاملات والعمال، وتقوية التكوين النقدي، وتدعيم الديمقراطية الداخلية على مختلف المستويات التنظيمية للنقابة، وفي تسيير المعارك والنضالات، وتوسيع التشهير والإعلام، والتضامن العمالي الأممي، ويسعى الى بناء فعلي للنقابة الوطنية للعاملات والعمال الزراعيين على أسس الصمود والنضال ضد الباطرونا الزراعية ودولتها.

أصبحت معارك الشغيلة الزراعية في شتوكة أيت باها (سوس ماسة) مثالا للمعارك التي وجب على جميع العاملات والعمال الزراعيين خوضها محليا ووطنيا من أجل الدفاع عن الحق النقابي ضد الباطرونا الزراعية التي تستغل أجراءها في أبشع الشروط وبأجور زهيدة، والتي تصدر الى الخارج عرق الفقراء وتجني الأرباح الطائلة وتستفيد من دعم الدولة ومن التسهيلات الضريبية.

تظاهرة للعاملات الزراعيات

 إنها صرخات قوية ضد هذا النموذج الفلاحي التجاري والصناعي والتصديري الذي يجسده “مخطط المغرب الأخضر” والذي يفقر الفلاحين الصغار، ويستنزف الأرض والماء ويلوث الطبيعة. هذا كله دون أن يساهم في توفير الغذاء للشعب المغربي، وفي تحسين شروط الشغيلة الزراعية وسكان المناطق القروية التي يستثمر فيها عبر توفير سكن اجتماعي وبينات تحتية كالمستوصفات والمدارس وأماكن الترفيه، إلخ. فمنطقة شتوكة أيت باها (وسوس ماسة عامة) التي تخرج منها يوميا مئات الشاحنات المليئة بالمنتجات الفلاحية للتصدير، وهي بالمناسبة لا علاقة لها بوسائل نقل العاملات والعمال المهترئة والمميتة وحاطة بالكرامة، تعد من أفقر المناطق بالمغرب وتجد دواوير الفقر والحرمان المحاذية للضيعات الحديثة.

عمر أزيكي

عضو الفرع الجهوي سوس ماسة

02 يونيو 2020

الجزء الأول من المقال

الجزء الثاني من المقال

عمر أزيكيAuthor posts

نقابي وعضو سكرتارية شبكة سيادة\ المغرب.