معركة للدفاع عن الحق النقابي بمجموعة أزورا (Azura) الفلاحية بمنطقة أكادير



يخوض عبد الله بيبح نائب الكاتب العام للمكتب النقابي في ضيعة ماريسا 9 التابعة لمجموعة أزورا (Azura) الفلاحية اعتصاما مفتوحا منذ يوم 18 شتنبر 2020 أمام محطة التلفيف وإدارة الشركة بمنطقة أكادير[1]. وصرح عبد الله: “بعد ازيد من 23 سنة من العطاء والكدح تلقي بي شركة أزورا الى الشارع وتشرد ابنائي، فقط لأن العاملات والعمال اختاروني ممثلا نقابيا لهم“. ويضيف: ” أنا أعمل كحارس ليلي في الضيعة. وقد قامت إدارة شركة ماريسا بتغيير ساعة العمل دون علمي، ولما التحقت بوظيفتي في الوقت العادي الذي كنت أبدأ فيه العمل، وجدت فريق المسؤولين ينتظرني أمام الباب ليسجل بأنني تأخرت عن العمل، ويتخذون مباشرة قرار طردي حتى دون إعطائي حق الدفاع عن نفسي. كانت هذه ذريعة أقاموها عن ترصد حتى يتخلصوا مني“.

وبعد أن استنفد عبد الله جميع المحاولات لتتراجع الإدارة عن قرارها قرر خوض الاعتصام. وقد تعرض عبد الله لتهديدات عديدة من قبل حراس الشركة الذين عمدوا يوم 21 أكتوبر الى تخريب المعتصم وافراغ ماء ملوث على ممتلكاته من ثياب وفراش. لكن عبد الله مازال صامدا مدعوما بالأشكال التضامنية المتواصلة (وقفات، مبيت جماعي في المعتصم، زيارات، دعم مالي، إعلام، إلخ) التي يقوم بها العاملات والعمال الزراعيين بمنطقة شتوكة في إطار نقابة فيدراليات النقابات الديمقراطية.



وقفة احتجاجية للمكاتب النقابية يوم الجمعة 30 أكتوبر 2020 أمام مقر إدارة مجموعة أزورا

تعد ضيعة ماريسا 9 واحدة من 47 وحدة لإنتاج الطماطم تحت البيوت المغطاة بمساحة إجمالية بلغت 986 هكتارا تستغلها مجموعة أزورا بالمغرب أساسا بمنطقة أكادير[1]. وقد صدرت المجموعة 120 ألف طن من الطماطم في موسم 2019- 20 (حوالي ربع إجمالي صادرات المغرب لهذا الموسم) برقم معاملات بلغ 304 مليون يورو (حوالي 3,2 مليار درهم). هذا علاوة على وحدات أخرى لإنتاج الأعشاب العطرية الطرية والزهور الصالحة للأكل على مساحة 46 هكتارا. وتصدر منتجاتها الى بلدان الاتحاد الأوروبي وانجلترا وروسيا، وتتوفر على 3 منصات لوجستية بفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا لتوزيع منتجاتها في أوروبا وغيرها.

وتأسست مجموعة أزورا الفلاحية في سنة 1988 بشراكة بين مجموعة التازي (محمد التازي الذي يرأس مجلس الإدارة)، إحدى العائلات الثرية الكبرى بالمغرب، ومجموعة فرنسية. وتضم المجموعة ماريسا (Maraissa) وديسما (Disma) إحدى أكبر مقاولات المجموعة، ومشتلا تجاريا لتربية شتلات الخضراوات (International Nursery) تنتج 10 الى 11 مليون شتلة من الطماطم سنويا، ومقاولة لإنتاج الحشرات المكافحة للآفات (BioBest Maroc)، وفرعا لتربية الأحياء المائية (Azura Aquaculture) ينتج الصدفيات.

ويشغل فرع الطماطم بالمغرب 14.168 شخصا حسب إحصاءات المجموعة لموسم 2019-20، 33% منهم مداومين وتشكل منهم النساء نسبة 38%، في حين يشكلن 32% من فئة المياومين. ورغم تبجح المجموعة باحترامها قانون الشغل والمعايير الاجتماعية، فإن الواقع وتاريخ الشركة بمنطقة أكادير يدل على حقيقة محاربتها لأبسط حقوق العاملات والعمال وعلى رأسهم حق العمل النقابي.

فقد عرفت مجموعة أزروا منذ أواسط سنة 2000 توسع الانخراط النقابي ضد الاستغلال الحاد الذي تعاني منه اليد العاملة بوحداتها الإنتاجية وحرمانها من حقوقها القانونية، وتنامت المعارك والاحتجاجات طيلة سنوات 2007 و2008 و2009. لكن إدارة الشركة شنت منذ البداية حربا من الضغوطات والاستفزازات لاجتثاث النقابة، وتمادت في رفض فتح التفاوض حول الملفات المطلبية للعمال والعاملات. هكذا قامت بطرد 5 أعضاء من المكتب النقابي لضيعة ماريسا 9 ضمنهم الكاتب العام، والكاتب العام لضيعة ماريسا 10، و20 نقابيا ونقابية من ضيعة ماريسا 15 ضمنهم أعضاء المكتب النقابي، وأعضاء المكتب النقابي لضيعة لماريسا 17 منهم أيضا الكاتب العام، وعمال وعاملات بمحطة التلفيف حاولوا تنظيم القواعد. كما لجأت الى الفصل 288 من القانون الجنائي لمتابعة 6 نقابيين من ضيعة ماريسا 15 بتهمة عرقلة حرية العمل في محاولات لتكسير نضالاتهم، وقامت بإدخال شركة حراسة خاصة إلى الضيعات لمزيد من التنكيل بكل من له علاقة بالنقابة. وما يشجعها أكثر في التمادي في جرائمها الاجتماعية ضد العمال والعاملات هو تساهل السلطات المحلية مع حملات الطرد والعقاب الجماعي للنقابيين والنقابيات التي تنهجها إدارة الشركة كلما تنظم العاملات والعمال للدفاع عن حقوقهم.  وهكذا أقدمت على طرد عضوين من المكتب النقابي لضيعة ماريسا 9 في أبريل 2014، وعلى توقيف 13 عاملة وعامل من بينهم 6 ممثلين نقابيين. وتزداد شراسة إدارة الشركة ضد الحق النقابي كلما زاد صمود القاعدة العمالية، وتقوى تشبتهم بمطالبهم وبتنظيمهم.

ليست أزورا سوى نموذجا للمقاولات الفلاحية الكبرى الذين تستفيد من الإعانات والتسهيلات الضريبية وغيرها التي تمنحها الدولة لتشجيع منتوجات تصديرية من أجل الربح لصالح أقلية رأسمالية، في الوقت الذي تزداد فيه التبعية الغذائية للمغرب بشكل حاد. وتوسعت هذه المجموعات الكبرى على حساب صغار المزارعين الذين اضطروا الى التخلي عن أراضيهم بفعل سياسات التقويم الهيكلي منذ بداية الثمانينات. كما توسعت باستغلال العاملات والعمال الزراعيين في شروط قاسية وبأجر قانوني حرصت الدولة على أن يكون ضعيفا من خلال مدونة شغل مرتكزة على المرونة وتسهيل مسطرة الطرد وغياب أي إجراءات زجرية ضد خروقات أرباب العمل.

قدم العاملات والعمال الزراعيين بمجموعة أزورا تضحيات جسيمة قرابة 20 سنة للدفاع عن الحق النقابي من خلال تعرضهم للتعسفات والتحرشات بالعاملات والطرد والمتابعات القضائية. ويعد اعتصام عبد الله بيبح استمرارا لهذه المعارك ضد جشع مجموعة رأسمالية تطحن البشر لعصر الأرباح وترميهم بعد أن تمتص زهرة شبابهم. فعلى بعد أمتار من معتصم عبد الله بيبح، يعتصم عامل آخر من ضيعة ماريسا 35 تعرض للطرد بعد أن اشتغل 12 سنة بالشركة، وذلك لكونه طالب بحقه في التعويض عن حادثة شغل تعرض لها وأصابته بعجز بنسبة 60% مثبتة بشهادات الأطباء.

إن معركة الحق النقابي الذي يخوضها عبد الله بيبح هي معركة كامل الطبقة العاملة في هذا الظرف الصحي الاستثنائي المرتبط بجائحة كورونا التي يستغلها أرباب العمل للتخلص من النقابيين والنقابيات والعاملات والعمال ذوي الأقدمية. فلا بد من توسيع التضامن على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية بكل الأشكال الممكنة.

07 نونبر 2020

أزيكي عمر

عضو التنسيقة الإقليمية لشبكة شمال افريقيا للسيادة الغذائية


[1] – أنظر مكان الشركة على الخريطة: https://goo.gl/maps/tj6XjMBZU4UGAcqWA

[2] – جميع معطيات هذا المقال مأخوذة من موقع المجموعة: https://www.azura-group.com/

عمر أزيكيAuthor posts

نقابي وعضو سكرتارية شبكة سيادة\ المغرب.