بعد خمسين عاما من هجوم عربي مفاجئ على إسرائيل (حرب 7 أكتوبر 1973)، وثلاثين سنة من توقيع اتفاقية أسلو بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية برعاية أمريكية، وبتاريخ 7 أكتوبر 2023، شنت القيادة العسكرية المشتركة لأغلب التنظيمات الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجوما مفاجئا هز أركان المجتمع الإسرائيلي بدولته وعسكره وجهاز استخباراته.
وفي وجه عدو مدجج بكل أنواع السلاح والدعم الدولي والتطبيع العربي الواسع، استعمل الفلسطينيون المحاصَرون في بانتوستانات الفصل العنصري ما تتيحه شروطهم السيئة للمقاومة: طائرات شراعية لاختراق الأجواء، ودراجات نارية وسيارات رباعية الدفع لاقتحام السياج الفاصل.
شنّت الكتائب هجمات متزامنة على أكثر من 21 مستوطنة وموقعًا إسرائيليًا، تمكنت خلالها من قتل وأسر عدد كبير من الإسرائيليين، من بينهم ضباط كبار أسفرت العملية العسكرية “طوفان الأقصى” عن خسائر ثقيلة، وتجاوز عدد قتلى “إسرائيل” 1400.
أصابت المقاومة عمق كبرياء الكيان الصهيوني وغطرسته بنفسه وعقيدته الأمنية القائمة على اضطهاد مريع للفلسطينيين- ات ما يؤدي إلى نزع كل حس للمقاومة. هذه النزعة العنصرية القائمة على اضطهاد واحتقار الذين واللائي يجري احتلال أراضيهم- هن، وتذكير قوي للكيان الصهيوني والمستوطنين بأن الأمن غير وارد ما دام الاحتلال قائما.
منذ تدشين ما سُمي “مسلسل سلام” سنة 1996 (أسلو)، كان تجسيدها في الواقع مراقبة وتعذيب الفلسطينيين والسيطرة عليهم وسلب ممتلكاتهم وخنقهم في غيتوهات عنصرية. عملية أصبحت فيها السلطة الفلسطينية ذاتها جزءً من هياكل الفصل العنصري، كشكل من أشكال الإدارة الذاتية الفلسطينية “للبانتوستانات” في خدمة نظام الفصل العنصري.
هذا هو سبب الاندفاعة العسكرية الأخيرة من قطاع غزة، وليس “الإرهاب” الراسخ في عقيدة “الكيانات الجهادية”، كما ورد في تصريحات عديدة. أعلن العديد من الدول الغربية (الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا) تضامنها مع إسرائيل. وقد شكل هذا غطاء لهجمات جنونية وانتقامية ضد قطاع غزة لم تستثنِ المدنيين- ات العزل. وصلت حصيلة القتلى الفلسطينيين- حسب وزارة الصحة بالقطاع 13 أكتوبر- أكثر من 1500 شهيد، و1800 مصاب أغلبهم من النساء والأطفال.
أصابت المقاومة عمق كبرياء الكيان الصهيوني وغطرسته بنفسه وعقيدته الأمنية القائمة على اضطهاد مريع للفلسطينيين- ات
وفي الوقت الذي تدين فيه الدول الغربية “إرهاب” المقاومة الفلسطينية تغض الطرف عن الجرائم المستمرة للعدوان الصهيوني المستمر في الزمان والممتد في المكان. إن المقاومة المسلحة هي السمة لمميزة لأي نضال من أجل التحرير، ولن يكون الفلسطينيون استثناءً. وإن اقتناع الصهاينة بأن أفعال المقاومة ستنتهي على الرغم من استمرار الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات تعبير عن غطرسة استعمارية توجد في القلب من الأيديولوجية الصهيونية.
لا الاجتياحات ولا أعمال الاغتيال ستوقف مقاومة الشعب الفلسطيني. وكذلك تصريحات الإدانة المرائية الصادرة عن الدول الغربية والأنظمة العربية المطبعة. فقد سبق أن وُصف الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA)، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، والمؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) وغيرهم بالـ “إرهابيين”، قصد إفقاد شعوب هذه التنظيمات كل مصداقية ونزع حقها في مقاومة الاضطهاد القومي والاحتلال… ولكنها انتهت إلى إحقاق ما كانت تناضل من أجله، وهذا هو مآل نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني.
نعبر عن دعمنا الكامل لكل أشكال المقاومة التي يرفض بها الشعب الفلسطيني الاحتلال الصهيوني، ونندد بذلك الاحتلال وكل أشكال الدعم التي يتلقاها من الدول الغربية والأنظمة المطبعة.
السكرتارية الإقليمية لشبكة سيادة
13\10\2023