أجرت مجلة “سيادة” حوار مع المناضل التقدمي “سيون أسيدون”، العضو النشط في حملة المقاطعة BDS، للتعريف بالحملة ومجهوداتها تجاه النضال ضد الشركات الصهيونية الإسرائيلية المستثمرة في القطاع الزراعي بالمنطقة العربية.
نقدم للقارئ نص الحوار:
سيادة: هل يمكنك تقديم تعريف بحملة المقاطعة BDS؟ كيف تشكلت ومن ينشط بها؟ ومجال اشتغالها؟ وآلياتها؟ وما أهدافها؟ وكيف يمكن الانخراط فيها؟ هل لحملة BDS تأثير سواء على الكيان الصهيوني أو على الدول والشركات المتعاملة معه؟
أسيدون: في BDS المغرب نفتخر بانتمائنا لحركة BDS العالمية لأننا نشعر أن ما يجري حالياً في الجامعات الأمريكية (والغربية بشكل عام) له ارتباط بما أسهمت به تحت إرشاد المكتب الوطني للمقاطعة الفلسطيني حملةُ المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل PACBI منذ سنة ٢٠٠٤، ومنذ سنة ٢٠٠٥ حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) في تحضير تجاوب الوسط الأكاديمي الغربي مع طوفان الأقصى الذي نشاهده حالياً…
انطلق هذا التيار الفكري والسياسي في يوليوز ٢٠٠٤ من مجال المقاطعة الأكاديمية والثقافية بهدف فضح تبييض الجرائم الصهيونية باسم “التفوق” في الميدان الفني (موسيقا، مسرح، سينما…)، وبعزل الجامعات الصهيونية المتواطئة- دون استثناء- مع جيش الاحتلال في جميع الميادين (بما فيها التكنولوجيات الحربية) علاوة على دورها في صناعة كل ما يغذي السردية الصهيونية (تاريخ، أركيولوجيا،…)، وتواطؤها (ولو بمجرد السكوت) مع عرقلة وخنق العمل الأكاديمي الفلسطيني بما فيه الإمكانيات المتاحة للطالب الفلسطيني للاستفادة من والولوج إلى سلك الدراسات الجامعية.
عرفت هذه الحملة نجاحاً كبيراً منذ انطلاقها. وتوسع ميدان هذا التيار مع نداء ٢٠٠٥ الذي ضم اكثر من ١٧٠ جمعية وحزب ونقابة فلسطينية متجذرة في جميع مكونات الشعب الفلسطيني المجتمعية و”الجيوغرافية” (الشتات بما فيه المخيمات، وأراضي 1948 وأراضي 1967…). هذا النداء يستنجد بمواطني- ات العالم للضغط على دولة الاحتلال الصهيوني لتخضع للقانون الإنساني الدولي ولقرارات الامم المتحدة ذات الصلة وبالأخص:
أ- وقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات، والانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية، وتدمير جدار الفصل العنصري؛
ب- وضع حد لنظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني قاطبةً وبالأخص وضعية “مواطن من الدرجة الثالثة” لفلسطينيي أراضي 1948؛
ج- حق العودة (القرار ١٩٤ للأمم المتحدة) بالنسبة لضحايا النكبة واسترجاع ممتلكاتهم.
لا بد من الإشارة إلى أن تحقيق هذه المطالب الثلاث يعني فشل المشروع السياسي الاستعماري الصهيوني ويفتح الباب أمام ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره على كامل أرضه…
والنداء يحدد وسائل الضغط السلمية الآتية :
- المقاطعة على جميع الأصعدة، الاقتصادية والأكاديمية والثقافية والرياضية…
- فرض على الشركات المتواطئة مع دولة الاحتلال من جهة ومن جهة أخرى كل الصناديق المستثمرة (ابناك، الصناديق السيادية الجامعات والكنائس …) سحب استثماراتها من جميع مؤسسات المالية الصهيونية، وشركات الاحتلال الصهيوني…
- فرض عقوبات على دولة الاحتلال، بما فيها ممارسة الحظر العسكري عليها.
طوال هذه السنوات العشرين عرف هذا التيار تطوراً عظيماً على المستوى العالمي وسجل نجاحات كثيرة (كم من شركات عالمية انسحبت- ORANGE وVEOLIA G4S وغيرها)، وكم من الجامعات والكنائس وكم من المؤسسات المالية بما فيها أبناك كبرى (DEUTSCHE BANK وDANSKE BANK وغيرها) وصناديق سيادية (من شمال أوروبا بالخصوص) الشيء الذي أدى إلى إعلان السلطات لدولة الاحتلال الصهيوني أن BDS تشكل خطراً استراتيجياً عليها. واستثُمرت أموال باهظة لسن قوانين في أوروبا وفي 42 ولاية أمريكية تمنع الدعوة إلى المقاطعة… وفي الحقيقة ما عدى في ألمانيا جزئياً بائت هذه المجهودات بالفشل.
إن حملات الـ BDS هي على العموم حملات عالمية يشنها بعد دراسة، مكتب المقاطعة الفلسطيني الذي يرشد الحركة عالمياً. هو الذي يختار الشركات المستهدفة بناءً على عدد من المقاييس الدقيقة منها احتمال النجاح فيها ولو بعد سنوات طويلة من العمل. والباب مفتوح على الحملات المحلية بعد موافقة المكتب الوطني لأن الحملات تقام باسم (BDS)، ولها بالتأكيد آثار على سمعة الحركة ككل. من جهة أخرى تساند الحملات التلقائية الشعبية مثل مقاطعة MAC DONALD’S وMALBORO وغيرها مثل TEVA (الشركة الصهيونية العملاقة لصناعة الأدوية الجنيسة/ les médicaments génériques) بل أيضاً الحملات المحلية مثل DARI في المغرب…الخ.
الحملات الحالية بالمغرب هي الحملة على CARREFOUR نظراً لتعاقدها مع شركتين صهيونيتين لها متاجر كبيرة في المستوطنات وتوزع عبر شبكتها العالمية منتوجات صناعة وزراعة الاحتلال، علاوة على تدشينها قبل سنتين لخمسين متجرا في أراضي 1948، بحضور مديرها العام ونتانباهو شخصياً… أضف إلى ذلك توزيعها المفضوح لطعام للجنود الذين كانوا يستعدون للاعتداء على غزة (مثلها مثل MAC DONALD’S وغيرها…). وفيما يخص نجاح هذه الحملة بالمغرب يمكن قياسها بالمجهودات الكبيرة للمتعاقد المغربي مع CARREFOUR للحفاظ على الزبناء بإعلان تخفيضات مهمة وحملات إعلامية كثيفة…
حملة ضد شركة التأمين AXA التي قامت باستثمارات في مؤسسات صناعية ومالية صهيونية مختلفة– تطلب الحملة من المواطنين مراقبة من هي الشركة التي اختارها وكيل التأمين للتعاقد بصدد تأمين سيارة أو دراجة نارية، والدعوة إلى اختيار شركة غير AXA…
حملة ضد ثمور MEDJOUL التي نجحت حيث لم يبق في السوق ما كان يوزع من ثمور الاحتلال بشكل مكشوف (منتجو الاحتلال يستعملون وكلاء في الأردن بل حتى في فلسطين لتغليف منتوجاتهم كأنها لا تأتي من المستوطنات الصهيونية). إلى درجة أن عمل الحملة أصبح مُركزا على مساعدة المواطنين في التعرف على العلامات التي هي توزع التمور الأردنية والفلسطينية.
هناك أيضاً حملة المقاطعة الأكاديمية التي تهتم بمواجهة توغل الجامعات الصهيونية في المغرب بعقد اتفاقيات مع جامعات مغربية.
هذه بعض الأنشطة التي تقوم بها BDS المغرب.
سيادة: الأطراف المنخرطة في حملة BDS في المنطقة العربية؟
أسيدون: تنشط الحملة في بلدان لبنان والأردن ومصر والكويت والبحرين.
سيادة: خلال مسارها النضالي، ماهي الإضافة التي قدمتها BDS في نضالها ضد الشركات الزراعية والغذائية الصهيونية ونصرة سيادة الشعب الفلسطيني على غذائه وأرضه؟
أسيدون: لا يبدو أن موضوع سيادة الشعب الفلسطيني على غذائه وأرضه يمكن إدخالها بهذه الطريقة تحت مظلة الـ BDS التي هي حملة عالمية دورها هو تعبئة مواطني- ات العالم في دعم الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه عن طريق الضغط على المحتل. طبعاً هناك تأثير لدعم هذه حركة لقضية الشعب الفلسطيني لكن موضوع السيادة الغذائية والسيادة على الأرض رهينة بانتصار قضية فلسطين حيث أنها جزء منها…
سيادة: كيف تنشط الشركات الزراعية الإسرائيلية في المنطقة العربية ؟ وما حجم وجودها واسمائها ؟ وما البلدان التي تشتغل فيها ؟
أسيدون: هناك شركتي نيطافيم ونعان دان (للري الأولى بالقطرة والثانية بالرش) وشركتي حازيرا و زيراعيم في ميدان البذور المختارة كلها تعمل بالمغرب
وكلها اختارت أن تضع نفسها تحت مظلة شركة من شركات العالمية لحماية نفسها، وكلها توجد بالمغرب. فتحت نيطافيم فرعها بالمغرب وتريد من خلاله توزيع تجهيزاتها على القارة بكاملها. أما شركات البذور فنجحت في توزيع منتوجاتها إلى درجة أن بعض الباحثين يعتبرون أن جل الخضر المستهلكة في المغرب هي من بذورها.
والصعوبة هي في كون المواطن لا يشتري البذور لكنه يشتري المنتوج، ويصعب عليه التعرف ما هي البذور المستعملة لإنتاج الخضر التي يقتنيها. والأكيد أن الفاعلين في هذه الميدان لا بد أن يكونوا من الذين يمكن لهم التاثير على وتأطير المنتجين الزراعيين (النقابات والجمعبات…)
سيادة: على ضوء العدوان المستمر على فلسطين وتجويع شعبها وحرب الإبادة في غزة التي تجري أمام أعيننا. كيف يمكن تشكيل تحالف معادي للصهيونية ولإسرائيل في المنطقة العربية للدفاع عن الأرض والماء والغذاء؟
أسيدون: المفتاح بين أيدي الجمعيات المناضلة والنقابات الزراعية.
الحوار مأخوذ من مجلة سيادة – العدد الخامس: “الحرب والسيادة الغذائية في المنطقة العربية“. يمكنكم\ن الاطلاع على العدد وتحميله من: الرابط