تعريف بسلسلة التغيّر الفلاحي والدراسات الفلّاحية
تنشر سلسة التغيّر الفِلاحي والدراسات الفلّاحية التي تصدرها “مبادرات في الدراسات الفلّاحية النقدية” (إيكاس – icas) “كتبًا صغيرةً حديثةً تتناول قضايا كبيرة”، يشرح كلٌّ منها قضية تنموية محددة انطلاقًا من أسئلة أساسية. من بين هذه الأسئلة: ما القضايا الراهنة في الموضوع المعني وما الجدالات الجارية حوله؟ من هم الباحثون/ المفكّرون وممارسو السياسات الأساسيون؟ كيف ظهرت المواقف وتطورت بمرور الزمن؟ ما المسارات المستقبلية الممكنة؟ ما المواد المرجعية الأساسية؟ ما الذي يجعل من المهم أن ينكبّ أعضاء المنظمات غير الحكومية، وناشطو الحركات الاجتماعية، وهيئات المعونة الإنمائية الرسمية والهيئات المانحة غير الحكومية، والطلاب، والأكاديميون، والباحثون وخبراء السياسات ذلك الانكباب النقدي على النقاط الأساسية المشروحة في هذا الكتاب، وكيف تتجلّى هذه الأهمية؟ ويجمع كلّ كتاب بين النقاش النظري، سياسيّ التوجه، والأمثلة التجريبية من خلفيات قومية ومحلّية شتى.
يربط الموضوع الرئيس في سلسلة الكتب هذه، أي “التغيير الفلاحي”، بين الباحثين والناشطين وممارسي التنمية من شتّى التخصصات ومن جميع أنحاء العالم. ويَرِدُ “التغيير الزراعي” هنا بأوسع معانيه، ذاك الذي يشير إلى عالم ريفي زراعي غير منفصل عن قطاعات وجغرافيات أخرى، صناعية وحضرية وسواها، بل يُؤخذ في سياقها. والتركيز هو على المساهمة في فهمنا ديناميات “التغيير”؛ بمعنى تأدية دور ليس في (إعادة) تفسير العالم الزراعي بطرائق مختلفة فحسب، بل في تغييره أيضًا، مع انحياز واضح إلى الطبقات الكادحة، إلى الفقراء. لقد غيّرت سيرورةُ العولمة النيوليبرالية المعاصرة العالمَ الزراعي على نحو عميق، الأمر الذي يتطلّب طرائقَ جديدة في فهم الشروط البنيوية والمؤسسية، كما يتطلّب رؤى جديدة في كيفية تغييرها.
“مبادرات في الدراسات الفِلاحية النقدية” هي جماعة عالمية النطاق من الباحثين المتقاربين في التفكير وممارسي التنمية والناشطين الذين يعملون على قضايا زراعية. وهي أساس مشترك، وفضاء مشترك لجميع هؤلاء. وهي مبادرة تعددية، تتيح تبادلًا حيويًا لوجهات نظر من منظورات أيديولوجية تقدمية مختلفة. وتلبّي الحاجة إلى مبادرةٍ تقيم الصلات بين الأكاديميين وممارسي التنمية ونشطاء الحركات الاجتماعية وتركّز عليها: بين شمال العالم وجنوبه، وبين جنوبه وجنوبه؛ بين القطاعات الريفية الزراعية والحضرية الصناعية؛ بين الخبراء وغير الخبراء. وتدافع “مبادرات في الدراسات الزراعية النقدية” عن إنتاج للمعرفة مشترك يتبادل الإسناد وعن تقاسم لهذه المعرفة يتبادل المنفعة. وهي ترتقي بـ التفكير النقدي، ما يعني مساءلة الافتراضات التقليدية، والفحص الناقد للمقترحات الرائجة، ووضع طرائق جديدة للمساءلة، وطرحها ومتابعتها. وترتقي كذلك بـ البحث والعلم الملتزمين؛ ما يؤكّد على بحث وعلم لافتين أكاديميًا ومهمّين اجتماعيًا ومنطويين على الوقوف في صفّ الفقراء.
تدعم المنظمة المشتركة بين الكنائس للتعاون الإنمائي (ICCO)، في هولندا، سلسلة الكتب هذه ماليًا. محرّرو السلسلة هم ساتورنينو م. بوراس الابن وماكس سبور وهنري فلتماير. تتوفّر العناوين الموجودة في السلسلة بلغات عديدة.
أما الطبعة العربية فهي مدعومة مالياً وإدارياً من قِبل المعهد الدولي (TNI)، هولندا.
تعريف بالكتاب “الطبقة والتغيّر الفلاحي”، هنري برنستين – ترجمة عمرو خيري ومراجعة علي أموزاي
كتاب “الطبقة والتغير الفلاحي” لهنري برنستين هو العمل الأول في سلسلة كتب التغير الفلاحي والدراسات الفلاحية الصادرة عن “مبادرات في الدراسات الفلاحية النقدية (إيكاس – ICAS)”. من المهم أن نبدأ السلسلة بكتاب هنري لسببين. أولاً، الأهمية الاستراتيجية للعدسة التحليلية للاقتصاد السياسي الفلاحي في الدراسات الفلاحية اليوم، وثانياً، الجودة عالمية المستوى لهذا الكتاب. إنه يهيئ الساحة لما يلي من كتب ويرفع سقف التوقعات حول الجودة. يساعد الكتاب في ضمان أن تكون الكتب التالية في السلسلة مهمة سياسياً ودقيقة علمياً. ولنبدأ بكلمة موجزة عن السلسلة لوضع سياق لهذا الكتاب على صلة بمشروع إيكاس الفكري والسياسي.
في الوقت الراهن، يبقى الفقر العالمي ظاهرة ريفية بامتياز، إذ يشكل فقراء الريف ثلاثة أرباع فقراء العالم. من ثم، فتحدي إنهاء الفقر عالمياً – وهو قضية متعددة الأبعاد، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وجندرية وبيئية، إلخ – وثيق الارتباط بمقاومة كل من يعملون في الريف لنظام ينتج شروط الفقر الريفي ويستمر في إعادة إنتاج شروطه. في حين لا يزال التركيز على التنمية الريفية مهماً لمن يفكرون في التنمية، فهذا التركيز التنموي لا يعني تجاهل القضايا الحضرية. يتمثل التحدي في تحسين فهمنا للصلات بين هذه القضايا، وتحديداً لأن مسارات الخروج من الفقر ممهدة حالياً بالسياسات النيوليبرالية وبجهود تعميم سياسات المؤسسات المالية ومؤسسات التنمية الدولية لدرجة كبيرة، ما يعني إبدال شكل من أشكال الفقر الحضري بالفقر الريفي بكل بساطة.
إن الكثير من المؤسسات (مثل البنك الدولي) التي تروج للتفكير الدارج حول القضايا الفلاحية لديها موارد مالية تؤهلها للهيمنة على البحث في هذا المجال، وإنتاج وتعميم مطبوعات معنية أساساً بالسياسات. يطعن المفكرون الناقدون في هذه الرؤية ذائعة الانتشار من عدة أوجه، لكن جهودهم تقتصر في العادة على الدوائر الأكاديمية، بما لهذه الدوائر من قدرة وصول وتأثير مقتصرة ومحدودة.
تبقى إذن الحاجة المُلحّة لقيام الأكاديميين (أساتذة وباحثين وطلاب) ونشطاء الحركات الاجتماعية وممارسي التنمية في الجنوب والشمال العالميين بإعداد كتب يسيرة الفهم وثيقة الصلة بالسياسات والسياسة، وسهلة الاطلاع عليها، في مجال الدراسات الفلاحية النقدية. لتلبية هذه الحاجة، تُطلق إيكاس سلسلة التغير الفلاحي والدراسات الفلاحية. والفكرة هي نشر كتب صغيرة ومركزة ومهمة تشرح وتقدم تطورات معينة بناء على أسئلة محددة: ما هي القضايا والنقاشات الحالية في هذا المجال أو ذاك؟ ومن هم الباحثون/ المفكرون الأساسيون والممارسون للسياسات في هذا المجال؟ كيف تشكلت هذه المواقف وتطورت على مدار الوقت؟ ما هي المسارات المستقبلية الممكنة، وما هي المراجع الأهم في هذا المجال؟ لماذا من المهم للعاملين بالمجتمع المدني ونشطاء الحركات الاجتماعية وهيئات التنمية والمنح والطلاب والأكاديميين والباحثين وخبراء السياسات أن يشتبكوا بشكل ناقد مع النقاط الأساسية التي يطرحها الكتاب؟ في كل كتاب، نمزج بين النقاشات النظرية والعملية المرتبطة بالسياسات، ومعها أمثلة من الواقع من مختلف السياقات الوطنية والمحلية.
ونظراً لسياق وأهداف سلسلة التغير الفلاحي والدراسات الفلاحية، يسرنا ويشرفنا أن يكون كتاب هنري برنستين مُفتتحَ السلسلة: فهو نموذجي من حيث موضوعاته وسهولة قراءته وأهميته والدقة والصرامة المتوخاة في كتابته. ويحدونا أبلغ الأمل والتفاؤل بشأن مستقبل هذه السلسلة.
يمكنكم\ن تحميل الكتاب من: الرابط