متحدّين الحدود الزائفة التي تُفرّقهم، نظمّ ناشطون من شمال أفريقيا قافلة سفر غير اعتيادية. زاروا من خلالها تجمّعات سكنيّة تونسية تخوض صراعًا ضدّ الظلم البيئي والاجتماعي. على متن حافلتهم البيضاء، شقّوا الأراضي القاحلة بالجنوب التونسي، ليتوقّفوا في ثلاث مدن صغيرة، شاهدة على تأثير صناعة الفوسفاط المتوحشة. وحطّوا الرحال بقرية أخرى نجح فلاّحوها في استعادة أراضيهم من الرأسماليين الجشعين و”تأميمها” شعبيًا، محوّلين ريعها نحو المصلحة العامّة. وليس مصادفة أن يكون لجلّ هذه المدن الصغيرة تاريخٌ عريقُ في النضال، بما مهّد لثورات 2011، التي فتحت آفاقًا جديدة لبلدان المنطقة.
ويعتقد عدد من نشطاء القافلة أنّ هذه الانتفاضات فشلت في مواجهة القضايا البيئية، مركّزة على الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة المُزرية التي ترزح تحت وطأتها شعوب المنطقة منذ عقود. إذ تعاني منطقة المغرب الكبير، على شاكلة العديد من المناطق بالعالم، من نهب ثرواتها عن طرق الصناعات الاستخراجية التي تُخلّ بالتوازن الإيكولوجي الطبيعي لغير رجعة. كما تعتمد هذه الصناعات في ترسيخ تواجدها بالمجتمع على جعل فئاته الفقيرة معتمدة تمامًا في عيشها على الصناعة الملوِّثَة. ومن أجل مراكمة رأس المال لا تبالي هذه الصناعات بالتضحية بالإنسان والطبيعة وتدمير النظام البيئي، فتهجير الناسّ من أرضهم. أمّا من بقيَ منهم، فمحتومٌ عليه العيش بين النفايات السامّة.
يَعتبر نشطاء القافلة هذه الصناعات المُلوِّثة إحدى تمظهرات الاستعمار الجديد المُسلَط على شعوبهم. وتركّز كُلّ واحدة من الحلقات الأربع على مدينة مختلفة : ڨابس، المدينة/الواحة الساحليّة المُلَوَّتة، مدينتيْ الردّيف وأُمّ العرايْس الفوسفاطيّتَيْن، وأخيرًا تجربة الأراضي التعاونية بجمنة؛ هذه القرية التي أمْسَت عنوانًا للأمل في تونس.
في هذا الجزء، يزور الناشطون “واحة ڨابــس”، التي تسبب إنشاء مصنع فوسفات كيميائي على شواطئها في إحداث كارثة بيئية، أثرت بشكل كبير على الصيد والزراعة والموارد المائية ومعيشة المواطنين.
المصدر الأصلي للفيديو على الرابط