المغرب بؤرة لالة ميمونة: من المسؤول عن إصابة المئات من العمال/ات الزراعيين ؟



يوم 19 يونيو 2020، دب الرعب بمنطقة اللوكوس الفلاحية الواقعة شمال المغرب، إثر خبر تفشي وباء كورونا “كوفيد19” المستجد وسط العمال والعاملات الزاعيين/ات، إذ سجلت في نفس اليوم 457 حالة اصابة مؤكدة، وفي ظرف أسبوع تجاوزت 900 حالة مؤكدة، ما خلف حالة خوف غير مسبوقة ليس بالمنطقة فحسب بل بالبلد ككل.

بالرجوع 20 يوما الى الوراء، وبالتحديد الى يوم 29 مايو 2020 سنقف على أول حالة اصابة جرى تسجيلها داخل وحدة صناعية مختصة في تصبير الفواكه الحمراء وتصديرها. الأمر يتعلق بسيدة تسكن بمدينة القصرالكبير تعمل لدى شركة “نايت بيري” الموجودة بدار الحراق، جماعة الشوافع لالة ميمونة الغرب، المملوكة لمستثمر اسباني. وفي الأسبوعين المواليين، جرى تسجيل ازيد من 100 اصابة مؤكدة، ثم 457 يوم 19يونيو في مجموعة من المعامل والضيعات الفلاحية بالمنطقة، وهذا ما يؤكد تهاون المسؤولين من ارباب عمل وسلطات في حماية العاملات والعمال من خطر الوباء، إذ كان المفروض توقيف المعامل والضيعات  واخضاع كل العمال والعاملات للتحاليل المخبرية كاجراء ضروري للحد من تفشي الوباء، لكن ارباحهم سبقت ارواح العمال/ات.

وحدة صناعية

– ماذا تغير؟

اليوم وبعد مرور ما يقارب الشهرين على اكتشاف البؤرة، لاتزال الأوضاع كما هي، ومثل ما كانت عليه قبل اكتشاف بؤرة لالة ميمونة وحتى قبل تفشي الوباء بمدينة يوهان الصينية. دائما هاجس الربح عند أرباب العمل ودولتهم يسبق حقوق العمال والعاملات الزراعين/ات. فداخل الضيعات الفلاحية الكبرى قبل الصغرى، لا اجراءات احترازية، لا تعقيم للمرافق والادوات، لا تباعد اجتماعي لا تحاليل مخبرية، لا قياس لدراجة الحرارة، لا كمامات ولا حملات تفتيشية لمقرات العمل ولاهم يحزنون…اما فيما يخص وسائل النقل، فالسائد هو الاحتكاك التام بين العمال والعاملات داخل شاحنات تصلح فقط لنقل البضائع، وحتى الحافلات الخاصة بنقل المستخدمين فإنها لا تحترم الطاقة الاستيعابية المسموح بها، وليس هناك من حسيب ولا رقيب رغم ان وسائل النقل هذه تمر يوميا عبر مجموعة من النقط التفتيشية لأجهزة الأمن و الدرك الملكي.

أوضاع عمال وعاملات الزراعة

– النساء هن الأكثر تضررا

وسط هذه المعمعة، تعد النساء الطرف الأضعف والأكثر تضررا، ويرجع ذلك بالأساس إلى النظام الأبوي- الذكوري الذي يزكيه نظام اقتصادي رأسمالي يرعى مصالح أقلية بورجوازية على حساب الأغلبية، و النساء هنّ الفريسة السهلة لتحقيق ذلك، حيث العاملات الزراعيات أكثر عددا مقارنة بنظائرهنّ الذكور، فأرباب العمل يفضلون تشغيل العاملات، كونهن الأكثر هشاشة واستعدادا لتحمل كل الأعباء والاهانات والتعديات التي تطال حقوقهنّ، وذلك لحاجتهنّ لمدخول ينقذهنّ وعائلاتهنّ من الفقر والجوع . لكل عاملة ظروفها الخاصة التي تجعلها تبيع قوة عملها مقابل أجر لا يتعدى 80درهما بالنسبة المحظوظات منهنّ، و 60درهم كأجر عام. هذه الظروف ترغمهنّ على العمل في اي وضع وتحت اي تهديد، فلا جائحة أخطر من الفقر، ولا وباء يقتل كالجوع.

العاملات هن الأكثر تضررا

– بؤرة لالة ميمونة و النقابات

عند اكتشاف البؤرة، سارع مسؤولون نقابيون الى اصدار مجموعة من البيانات “التنديدية” بشأن ما حصل لعمال وعاملات الزراعة بمنطقة اللوكوس. فمنها ما طالب الدولة بفتح تحقيق، ومنها ما طالب بتشديد الاجراءات الاحترازية كما جاء على لسان موخاريق، الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل. كانت البيانات شاهدة على تخلف القيادات عن المهام النضالية الراهنة.

– من المسؤول عن بؤرة لالة ميمونة؟

أمرت النيابة العامة لإقليم القنيطرة بفتح تحقيق حول المسؤول عن تفشي الوباء بالمنطقة، وبعد ازيد من شهر، جرى اعلان عن متابعة مجموعة مسؤولين عن ثلاث وحدات انتاج لم تذكر هويتهم، وبعض المسؤولين عن نقل العمال/ات لخرقهم أحكام المادة الرابعة من قانون الطوارئ الصحية، وكذلك اعفاء مندوب الصحة باقليم القنيطرة. لكن هل العمال والعاملات الآن في مأمن من خطر الوباء؟ وهل التدابير الاحترازية الموصى بها تحترم  من قبل أصحاب الضيعات الفلاحية ووحدات التصبير؟  قطعا لا. فالمسؤول عن تفشي الوباء هو النظام الرأسمالي الاستغلالي الهادف للربح ولا لشيء آخر. المخطاطات الامبريالية التي تعاقبت منذ عقود مسؤولة عن تفشي الوباء، وهي التي سهرت على تخريب الخدمات العمومية وتوجيه كل شيء وفق منطق السوق. المسؤول عن تفشي الوباء في صفوف العمال و العاملات الزراعين/ات هو النظام الانتاجي الموجه للتصدير، المسؤول عن تفشي الوباء هو غياب أداة نقابية توحد العمال والعاملات الزراعيين/ات وتقود نضالاتهن نحو النصر.

إصابة المئات العمال\ات

دفاعا عن مشروع السيادة الغذائية

هول المأساة التي أصابات العمال/ات في منطقة اللوكوس، ما هي إلا إحدى الجرائم الاقتصادية و البيئية و الصحية التي يتحمل مسؤوليتها المستثمرون الرأسماليون في قطاع الفلاحة، بغرض التصدير وجني الأرباح على حساب الأرواح. ما يتعرض له العمال/ات من بشاعة فرط الاستغلال في الضيعات الرأسمالية، قبل أزمة كوفيد19، لا يزال مستمر في ظروف أشد خطورة.  إن السبيل الوحيد الذي يبقى قائما للخلاص من هذا الاستغلال والسحق للنساء و الرجال في الضيعات الكبرى، هو التنظيم و النضال للدفاع عن هزيل المكتسبات وتعزيزها بأخرى تحافظ على الارواح في ظل تفشي الجائحة.

إن الدفاع عن مشروع السيادة الغذائية بما هو مشروع تحرري شامل، يأتي في أولويات المطالب الراهنة للحركة العمالية الزراعية سواء بالمغرب أو بعموم شمال أفريقيا.

تقرير : أحمد رؤوفي

المغرب