كانت المنطقة العربية/ شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ولا تزال، مسرحا للحروب والنزاعات العسكرية، في بلدان ومناطق عدة: ليبيا والسودان واليمن وسوريا والصومال ولبنان والعراق وغيرها، إلى أن بلغ الأمر حد الإبادة الجماعية في فلسطين، إذ يشن الجيش الإسرائيلي حربا طاحنة على شعب أعزل، وفي السودان حيث حرب اقتتال داخلي بين الفصائل المسلحة الموروثة عن عهد البشير الذي أسقطته ثورة جماهيرية.
تدمير شامل للبنى التحتية، وآلاف القتلى والجرحى وملايين المهجرين- ات، هي حصيلة ما جرى ولا يزال يجري من حروب في بلداننا، علاوة على تدمير كامل للموارد والبيئة والقضاء على أنماط إنتاج الغذاء وثقافات محلية جرت مراكمتها لقرون عبر خبرات أجيال متعاقبة. هكذا انضاف الجوع والعطش كسلاح للفتك إلى جانب الرصاص والقنابل.
أُتلفت المحاصيل الزراعية، وشُرد صغار مُنتجي- ات الغذاء (من مزارعين- ات ورعاة وصيادين)، وظهرت المجاعات ونقص الطعام في بلدان النزاعات والحروب، والأكيد أن هذا الوضع يزيد حدة التبعية الغذائية القائمة أصلا، والاعتماد على المساعدات الدولية لإطعام الأفواه الجائعة. وفضلا عن ذلك، يتيح هذا الوضع المأساوي فتح باب الاتجار بمآسي شعوب المنطقة على مصراعيه: رفع أسعار الغذاء واحتكاره… إلخ.
تفاقم الحروب الآثار الكارثية لسياسات نيوليبرالية كرست تبعيتنا الغذائية للسوق العالمية، علاوة على العواقب الوخيمة للتقلبات المناخية التي تعاني منها المنطقة أكثر من مناطق العالم الأخرى (موجات الجفاف والحر).
يأتي العدد الخامس من مجلة سيادة في سياق اشتداد الهجمة الصهيونية على قطاع غزة، وانقطاع كل سبل التموين (خاصة مع إغلاق المعابر، وشتى صنوف الحصار الإجرامي)، ودعوات إسرائيل إلى تفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتجميد تمويلاتها، من أجل القضاء على صمود الشعب الفلسطيني.
يستمر النزاع والفوضى في بلدان عربية أخرى ما يجعل الجوع، والمسألة الغذائية بشكل عام، مأساة إنسانية حقيقية. ففي اليمن وليبيا والسودان تستمر حالة الاقتتال الداخلي بين أطراف الثورة المضادة. وفي سوريا لا تزال الأزمة الإنسانية قائمة بما تمثله من انقطاع سبل المعيشة والحصول على الغذاء.
تهتم شبكة سيادة ومجلتها بأوضاع الإقليم، وبالخصوص قضية السيادة الغذائية وتفرعاتها (ملكية الأرض والثروات، المسألة الزراعية، السياسة الفلاحية، التبعية الغذائية…)، ولكن في نفس الوقت تضع هذا الاهتمام في سياق الأوضاع السياسية والجيوسياسية المتحكمة في هذه البقعة الجغرافية من العالم، إلى جانب الأوضاع الخصوصية لكل دولة على حدة.
إن تسارع حجم التحولات والمآزق الحاصلة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ينذر بأسوأ الكوارث الإنسانية، كما يفتح باب الأمل للشعوب التي تسعى للتحرر من جحيم الرأسمالية، بالنهوض من تحت الركام للنضال ضد الحروب الامبريالية والجوع، والسعي نحو تحقيق الحرية والسلام والخبز.
نقدم هذا العدد كإسهام في جهود التنوير والتفكير في سبل ذلك النهوض.
داخل العدد:
إنضاج مفردات العدالة في اللغة العربية: مفاهيم وتعريفات
حوار سيادة: المناضل سيون أسيدون عضو حملة المقاطعة BDS
ملف العدد: الحرب والسيادة الغذائية في المنطقة العربية
- العراق و كردستان: كيف يحصل العراقيون-ات على الغذاء اليوم؟
- جحيم الحرب: واقع إنتاج واستهلاك الغذاء في فلسطين
- الأمن الغذائي والسيادة الغذائية في سورية بعد عام 2011
- الحرب الإسرائيلية على لبنان: الأرض، ما عليها وما فيها
- ليبيا: انهيار القطاع الزراعي في غياب الدولة
- اليمن.. حين تُهان الخبرة الزراعية وأسطورة الوفرة بالمساعدات الخارجية
- أزمة الغذاء في غزة بين مطرقة الحرب وسندان محدودية القدرة على التكيف
هيئة تحرير مجلة سيادة
يمكنكم\ن الاطلاع على العدد وتحميله من: الرابط