حوار مع صقر النور: الزراعة الرأسمالية ليست فقط عاجزة عن توفير الغذاء بشكل أفضل ولكنها أيضا مدمرة للبيئة وللإنسان



“اللحظة الحالية تمثل فرصة مناسبة لطرح الأفكار المتعلقة بالسيادة الغذائية”

“مفهوم الأمن الغذائي يتجاهل دور منتجي الغذاء، بينما السيادة الغذائية تؤكد على حقوقهم”

صقر النور
الباحث صقر النور

تعرف بلدان  شمال افريقيا ومصر منذ عقود تغلغل النموذج الزراعي المالي، الصناعي والتصديري، ما أثر سلبا على الفلاحة المعاشية،  وعلى المنتجين المحليين. وقد طفت على السطح خلال أزمة فيروس كورونا، إشكالات عميقة أهمها التبعية الغذائية وفقدان السيادة. وتعد اللحظة الحالية فرصة مناسبة لطرح الأفكار المتعلقة بالسيادة الغذائية وتوضيح مضامينها التحررية، وسبل بلوغها.

 للوقوف على مختلف جوانب هذا الموضوع أجرى موقع سيادة حوار مطولا مع الباحث المصري صقر النور.

 إليكم نص الحوار :        

  • موقع سيادة: حدّثني قليلا عن مسار عملك واهتماماتك؟ وحاول أن تعطينا نبذة حول أبحاثك.

في البداية حصلت علي بكالوريوس في الإنتاج الزراعي من كلية الزراعة بسوهاج عام 2000.  في عام 2003، حصلت على دبلوم في التنمية البشرية من معهد التخطيط القومي في القاهرة، ثم التحقت بقسم اقتصاد الزراعة في كلية الزراعة-جامعة المنيا لأحصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع الريفي والاقتصاد الزراعي عام 2005. في عام 2013، أنهيت أطروحتي للدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة باريس 10 – نانتير.

ثم عملت كمدرس للاجتماع الريفي بكلية الزراعة بقنا. وكزميل ما بعد الدكتوراه في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية (EHESS) ومتحف الحضارات الاورومتوسطية (MuCEM) بمرسيليا (جنوب فرنسا). وكزميل ما بعد الدكتوراه أيضا بالجامعة الاميركية في بيروت. خلال السنوات الماضية أتيحت لي فرصة إجراء أبحاث ميدانية في ريف كل من مصر والمغرب وتونس ولبنان. وكنت محظوظًا بالاحتكاك والعمل مع العديد من الباحثين والناشطين العاملين في حقل الدراسات الريفية والمسائل الزراعية بالعديد من الدول العربية. تتركز اهتمامتي البحثية، حول الإفقار وسياسات مكافحة الفقر، والنفاذ إلى الموارد الطبيعية، والسياسات الزراعية، الاقتصاد السياسي للغذاء, والحركات الاجتماعية بالريف, والسيادة الغذائية والزراعة البيئية.

يعد الشغل الأساسي لأبحاثي هو محاولة تقديم قراءة نقدية لواقع ومستقبل الإنتاج الزراعي والفلاحين في العالم العربي، تحاول أبحاثي أن تجمع بين التحليل الكلي للاقتصاد السياسي لإنتاج الغذاء والتحليل الجزئي لممارسات الفاعلين الأساسين والاستراتيجيات وأدوات التكيف والمقاومة التي ينتهجها الفلاحون.

المسألة الزراعية في مصر
دراسة للباحث صقر النور
  • موقع سيادة: الخطاب المهيمن عالميا حول الأمن الغذائي هو أن النظام الزراعي الصناعي (الزراعة الرأسمالية) هو من يوفّر حاجياتنا الغذائية وأنّ الزراعة العائلية وصغار الفلاحين والبحّارة هم عقبة أمام التّحول والتطوّر لهذا النظام. ما رأيك في هذه المقولات؟

هذا الخطاب المسيطر يتناقض مع حقيقة أن أغلب الإنتاج الزراعي في العالم خاصة في الجنوب يتم إنتاجه بواسطة صغار الفلاحين وهم من يوفرون اغلب الغذاء الذي نستهلكه اليوم.  وفقا لتقرير صادر عن منظمة الفاو عام 2014 فان المزارع التي تقل مساحتها عن هكتار واحد 72 ٪ من جميع المزارع في العالم، ولكنها تسيطر فقط على 8 ٪ من جميع الأراضي الزراعية. وتشكل المزارع التي تتراوح مساحتها بين 1 و 2 هكتار 12٪ من جميع المزارع وتسيطر على 4٪ من الأراضي. على النقيض من ذلك ، فإن 1٪ فقط من جميع المزارع في العالم أكبر من 50 هكتارًا ، ولكنها تسيطر على 65٪ من الأراضي الزراعية في العالم. وفي حين يزرع الفلاحون الصغار والمتوسطون علي حوالي 35% من المساحة المنزرعة حول العالم فانهم ينتجون من 70 الي 80% من الغذاء الذي نستهلكه. وبهذا يتضح لنا ان الزراعة الرأسمالية ليست فقط عاجزة عن توفير الغذاء بشكل أفضل ولكنها أيضا مدمرة للبيئة وللإنسان عبر أساليبها ونمط انتاجها واستغلالها للموارد الطبيعية.

  • موقع سيادة: هناك  من يتكلّم عن مشروع “سيادة غذائية” بدلا من “الأمن الغذائي”. أهناك فرق بين الاثنين؟ وأيّهما يخدم مصالح الشعوب والطبقات المهمَشة؟

 بالنسبة للفرق بين السيادة الغذائية والأمن الغذائي فإني أود أولاً إعطاء تعريف عام لكلا المصطلحين قبل الشروع في شرح الفرق  بينهما، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة فإن الأمن الغذائي يعني: أن يتوفر للجميع الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصادية للوصول إلى الأغذية المأمونة والمغذّية بكميات كافية لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لينعموا بحياة نشيطة وصحية، وبالارتكاز على هذا التعريف، يمكن تحديد أربعة أبعاد للأمن الغذائي وهي: توافر الأغذية، وإمكانية الوصول اقتصاديا وماديًا إلى الأغذية، واستخدام الأغذية واستقرارها مع مرور الزمن، من الواضح هنا أن الأمن الغذائي لا يعني التزام الدولة بإنتاج الغذاء ولكن توفير الغذاء بأي وسيلة كانت مثل الإنتاج أو الاستيراد أو المعونات الغذائية.

أما مفهوم السيادة الغذائية والذي تم طرحه عبر حركة طريق الفلاح الدولية، فيا كامبيسينا، فيعني ” حق الشعوب والمجتمعات المحلية والبلدان في تحديد سياساتها الخاصة بالزراعة والعمالة وصيد الأسماك والغذاء والأراضي التي تكون ملائمة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا لظروفها الفريدة، وهي تشمل النفاذ الحقيقي إلى الغذاء وإنتاج الغذاء، مما يعني أن لجميع الناس الحق في غذاء آمن ومغذٍ ملائم ثقافيًا وموارد إنتاج الغذاء والقدرة على إعالة أنفسهم ومجتمعاتهم”.

من هنا يمكن القول أن الفرق الجوهري بين مفهوم السيادة الغذائية ومفهوم الأمن الغذائي هو أن السيادة الغذائية أولوية حقوق الناس والمجتمعات المحلية في إنتاج الغذاء واستهلاك الغذاء، مسبوق على الاعتبارات التجارية. وتهتم بإضفاء الطابع المحلي على النظم الغذائية، حيث أنه يجب أن يحظى وصول الغذاء وتسويقه على المستوى المحلي والإقليمي بالأولوية عن تزويد الأسواق العالمية. فالغذاء وفقا لمبدأ السيادة الغذائية حق وليس سلعة تخضع لقانون الأرباح.

من ناحية أخرى, في الوقت الذي يتم تجاهل دور منتجي الغذاء في مفهوم الأمن الغذائي فإن السيادة الغذائية تؤكد على حقوق الفلاحين منتجي الغذاء في العيش والعمل بكرامة وتضع السيطرة على الأراضي والرعي والمياه والبذور والثروة الحيوانية في أيدي منتجي الغذاء المحليين وتحترم حقوقهم.

وأخيراً تتطلب السيادة الغذائية أنظمة الإنتاج والتوزيع التي تحمي الموارد الطبيعية وتقلل من إنبعاثات الغازات الملوثة، وتجنب قدر الإمكان الأساليب الصناعية الكثيفة الاستخدام للطاقة التي تضر بالبيئة وصحة أولئك الذين ينتجون ويستهلكون الغذاء، والسيادة الغذائية كإطار موجه للاقتصاد الزراعي قائمة على نموذج الزراعة البيئية كأساس للإنتاج الزراعي وتنظيم العلاقة بين الفلاحين والموارد الطبيعية.  أما مفهوم الأمن الغذائي لا يهتم بمن ومن أين وكيف ينتَج الغذاء!

  • موقع سيادة: في آخر كتاباتك، لفتّ الانتباه لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين في ظلّ وباء كورونا في مصر. سمّيتهم بالمقاومين الصامتين والأبطال المجهولين. حدّثنا عن ذلك.

لفت انتباهي خلال متابعتي للتغطية الصحفية والإعلامية لوباء كورونا في مصر إهمال الدّور الذي يقوم به الفلاحون وعمال الزراعة واستمرارهم في إمداد المواطنين بالغذاء رغم خطورة عملهم، فأردت أن أسلّط الضوء على هذا الجهد الغير مرئي اجتماعياً. واستخدامي مصطلح “مقاومون صامتون” أو “أبطال غير مرئيين” راجع إلى القراءة السوسيولوجية لعملية التجاهل الاجتماعي، فالتركيز على الأطباء فقط (وليس الطواقم الطبية من عاملات وعمال المستشفيات والممرضات والممرضيين والفنيين) هو انحياز طبقي للفئة التي تشبه المسيطرين على الإعلام والناشطين فهم يتحدثون عن أقرانهم ويرونهم فقط هم الأبطال. ما كتبت هو جزء من فكرة التحليل الطبقي لمفهموم التضامن والوحدة الوطنية والذي يخفي تحته أشكال من التمييز والتجاهل للفئات الاجتماعية الغير قادرة على الظهور الاجتماعي. ولذلك فإنني أتصور أن مجهوليتهم ليست ناتجة عن غيابهم أو انحسار مجهوداتهم ولكنها نِتاج لعملية استبعاد هيكلية. هم غير مرئيين لأن الآخرين لا يريدون أن يرونهم وليس لأنهم غير موجودون.

  • موقع سيادة: هذه الأزمة الصحيّة العالمية التي نمرّ بها أبرزت هشاشة أنظمتنا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وأظهرت المخاطر والصعوبات التي يتعرّض لها العمّال بما فيهم العمال اليوميين والغير رسميين. في مصر مثلا 25% من قوى العمل تشتغل في القطاع الزراعي والصيد. أعطنا فكرة عامّة عن أوضاع الفلاحين الصغار/العمال الزراعيين/البحّارة وعن ظروف عملهم وإجراءات الوقاية التي تم أخذها لحمايتهم.

وفقا لاخر تعداد عام للسكان اجري عام 2017 وصل عدد سكان الريف إلى نحو 54.75 مليون شخص وهم يمثلون نحو 57.8% من جملة السكان في مصر. هذه النسبة تشير إلى زيادة نسبة السكان في الريف إلى الحضر مقارنة بتعداد عام 2006 والتي كانت تمثل 57% من جملة السكان. ويمثل العاملين بالزراعة (سواء كعمل اساسي او كعمل بعض الوقت) حولي 70% من عدد المقيمين في الريف. فالزراعة لاتزال نشاطاً أساسياً لغالبية سكان الريف ومصدراً أساسياً لسبل عيشهم.

وإذا نظرنا إلى هيكل الملكية بآخر تعداد زراعي (تعداد 2010) نلاحظ أن صغار الفلاحين الذين يملكون حيازات أقل من خمسة أفدنة يمثلون 90% من هيكل الملكية. وأن الأسر الزراعية التي تمتلك أقل من واحد فدان هي الأكثر وتمثل نحو 37.7% من المجتمع الزراعي، ترتفع هذه النسبة إلى 69% لمن يمتلكون أقل من ثلاثة أفدنة في حين نحو واحد في المئة من الملاك يملكون أكثر من 20 فدان ولكنهم يملكون 24.9% من المساحة المزروعة.  يمثل صغار الفلاحين (أقل من خمسة أفدنة) إذن، المكون الأساسي للزراعة في الوادي والدلتا وهم قلب الزراعة المصرية والمنتجون الأساسيون للغذاء.

وخلال التحول النيوليبرالي من سبعينات القرن العشرين إلى اليوم، مرت السياسة الزراعية المصرية من دعم الإنتاج الزراعي عبر توفير البذور المحسنة والأسمدة والمبيدات بأسعار مدعومة إلى سياسة تقلّص من دعم المنتجين الزراعيين الصغار وفتح الأبواب أمام المستثمرين في القطاع الزراعي والزراعات التصديرية وتحرير اسعار الاسمدة والمبيدات والتقاوي والاراضي. كانت وطأة التحرر الاقتصادي كبيرة على الفلاحين حيث أدّت إلى زيادة معدلات التفاوت الاجتماعي والإفقار لقطاعات كبيرة من سكان الريف. السياسات النيوليبرالية اضعفت من امكانيات الفلاحيين المادية وقدرتهم على الإنتاج وإعادة الإنتاج، فالحكومة المصرية لم تطور استراتيجية تلائم خصوصية أوضاع الريف المصري بل على العكس من ذلك تماماً استمر إفقار الفلاحين وخروج بعضهم من الإنتاج الزراعي مع تمادي الدولة في استراتيجياتها التي تركز على المزارع الكبرى والإنتاج التصديري.

يعمل الفلاحون الصغار وعمال الزراعة في ظل غياب لأي شكل من أشكال الحماية ولا يوجد أي شكل من أشكال الدعم الموجه لهم بصفة خاصة، فرغم تبني مصر خطة إنقاذ اقتصادي بنحو 100 مليار جنيه مصري إلّا أن ما يعني قطاع الزراعة هو التوقف عن دفع ضريبة الأراضي الزراعية وهو دعم موجه للملّاك وليس المستأجرين أو العمال.

أتصور أن هذه الأزمة ستزيد من الصعوبات التي يواجهها القطاع الزراعي خاصة في ظل هذا التجاهل وعدم الاكتراث الذي نلاحظه في الخطوات التي تتخذها الدولة فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة الحالية.

  • موقع سيادة: كيف يمكن للفلاحين الصغار و العمال الزراعيين أن ينظموا أنفسهم خلال جائحة كورونا للمطالبة بحقوقهم، بما فيها توفير حماية آنية خلال عملهم؟ 

هذا السؤال صعب لأننا كما تعرف نعيش في مصر تحت ظل حكم سلطوي قام بتفكيك أغلب المكتسبات النقابية للفلاحين في أعقاب انتفاضة 25 يناير والذي شهدت حركة واسعة لتنظيم الفلاحين وتأسّست خمسة اتحادات فلاحية تم تفكيك أربعة منها لتبقى نقابة فلاحية وحيدة وملتصقة بأجهزة الدولة، الخوف أن الدولة وأجهزتها تزيد من رقابتها وتحكمها في المواطنين تحت غطاء الأزمة ويزيد القمع وتقييد الحريات، ومع ذلك يبدو لي أن الأزمة يمكنها أيضاً أن تخلق أشكال من التضامن والتنظيم المحلي لتبادل الخدمات والعمل المشترك لكن لايزال الوقت مبكراً جداً لرؤية نتيجة ذلك

أرض زراعية في الجيزة
مركز البدرشين- مركز الجيزة :صورة صقر النور


  • موقع سيادة: بلدان شمال افريقيا من أكثر المستوردين للقمح في العالم، أظن أنّ مصر والجزائر تتصدّر القائمة.  في ظل جائحة كورونا أعلنت بعض الدول عن توقف تصدير المنتوجات الفلاحية. ما هو تقييمك للسياسات الليبرالية الجديدة التي أفقدتنا السيادة على الغذاء؟ وكيف يمكن أن نعيد الارتكاز على سيادة فلاحية في ظل الرأسمالية والشركات المتعددة الجنسية ؟

بالطبع هناك مخاوف حقيقية خاصة أن دول مثل كازخستان وفيتنام وروسيا قد علّقت صادراتها من الحبوب لفترة زمنية قد تطول، وأن أغلب دول المنطقة تعاني من التبعية الغذائية واعتمادها على التصدير في توفير احتياجاتها من القمح تحديداً ولكن أيضاً من مواد غذائية أخرى.

المشكلة أن دولنا لا تتعلم من دروس الماضي، ففي عام 2008/2007 ونتيجة لأزمة الغذاء العالمية توفي مصريون وهم يتصارعون للحصول على الخبز أمام المخابز وقامت الدولة بوقف تصدير الارز لكنها استمرت في سياساتها المنحازة للزراعة الرأسمالية والتصدير الزراعي.

أتصور أن الزراعة من أكثر القطاعات التي تكشف عجز السياسات النيوليبرالية في منطقتنا وأن الخروج من أزمة الزراعة لا يعني إلّا الخروج من هذا النفق المظلم الذي يسمى سياسات السوق، على الدول الرّاغبة في الخروج من هذا النفق المظلم أن تعيد الاعتبار للإنفاق العام ولاعتبار الزراعة والغذاء ليس مجرد سلعة وأن تخطط لتحول زراعي-بيئي-غذائي يسمح بالانتقال إلى السيادة الغذائية.

  • موقع سيادة: تعد شبكة شمال افريقيا للسيادة الغذائية إحدى منصات النضال بالمنطقة، التي تضم عدد من المنظمات الفلاحية ومناضلين تقدميين. في نظرك كيف يمكن تجميع الآراء والمواقف السياسية للمناضلين/ت حول مسألة السيادة الغذائية في منطقتنا والعالم بعد ما نشهد اليوم من تأثيرات جائحة كورونا ؟ وكيف يمكننا طرح فكرة الانتقال لنظام زراعي بديل تسود فيه العدالة والاستدامة؟

أعتقد أن فكرة السيادة الغذائية ليست غريبة عن منطقتنا وتحديداً ليست غريبة عن الفلاحين الذي يتبنّون بشكل ذاتي أفكار عديدة مرتبطة بجوهر السيادة الغذائية وبالتالي ليس صعبا نشر الأفكار المرتبطة بهذه المشروع، ما تقوم به الشبكة مهم جداً ومركزي في نشر أفكار السيادة الغذائية على مستوى إقليمي وشركاء الشبكة يعملون على مستوي دولهم ولكن أتصور أنه يجب توسيع قوائم العضوية داخل الدول وأيضا الإكثار من إنتاج مواد سمعية وبصرية قصيرة حول المفهوم وحول الممارسات وحول الأنشطة المرتبطة بالسيادة الغذائية لأن الاكتفاء بالمادة المكتوبة لا يصل إلى نطاق واسع من الفئات المستهدفة.

تمثل اللحظة الحالية فرصة مناسبة لطرح الأفكار المتعلقة بالسيادة الغذائية وذلك من ناحيتين الأولى ارتباط المرض بنموذج الزراعة الرأسمالية وتدمير الغابات واستبدال العوائل للكائنات البرية. ومن ناحية أخرى مخاطر إغلاق الحدود وعجز الإنتاج المحلي عن سد الحاجات واقلاع بعض الدول عن تصدير منتجاتها. هنا يبدو طرح نموذج بديل عمل ذو أولوية، حتى لا نتوقف عند مجرد النقد للنظام القائم دون وضع لبنات لنظام بديل قابل للنقاش والتنفيذ أيضا.

  • موقع سيادة: كلمة أخيرة حول أبحاثك القادمة. حدّثني عن مشروع تودّ القيام به في السودان؟

كما تعرف أعمل حاليا بالتعاون مع فريق عمل مبادرة التعاونيات لإنجاز كتاب حول السيادة الغذائية في مصر وقد تساعد هذه الدراسة في تقديم مادة ميدانية ونظرية خصبة لدفع النقاشات والمبادرات في هذا الاتجاه.

أما بالنسبة لمشروعي البحثي في السودان, فقد حصلت مؤخرا على منحة عمل ميداني مقدمة من مركز أبحاث فرنسي (مركز الدراسات والوثائق الاجتماعية والقانونية والاقتصادية بالخرطوم CEDEJ ( وذلك لاستكمال مشروع حول العلاقة بين الفلاحين والانتفاضات العربية. يهدف هذا المشروع البحثي إلى توثيق وتحليل حركة احتجاج المزارعين على خلفية الانتفاضة السودانية لعام 2018. سأحاول خلال فترة الإقامة البحثية فحص الحركات الاحتجاجية للفلاحين تاريخياً وتجريبياً في سياقات انتفاضة السودان في مشروع الجزيرة التي كانت مركزًا لنضالات الفلاحين الشهيرة في أواخر الخمسينات. تطرح الدراسة عدة أسئلة منها: ما هو التطور التاريخي والمعاصر للحركات الاحتجاجية في منطقة الدراسة؟ كيف أثّرت انتفاضة ديسمبر 2018 على عملية حركة الفلاحين الاجتماعية؟ كيف يموقعون أنفسهم فيما يتعلق بسياسة الاحتجاج هذه؟ وهل تمكنوا من أن يكونوا جزءًا منه؟

كل الصور المنشورة في الحوار تعود ملكيتها للباحث صقر النور