تقديم
يأتي يوم الاحتجاج النسوي العالمي مارس2021، هذه السنة في ظل تداعيات انتشار جائحة كوفيد- 19 والأزمة الاقتصادية التي فجرها، وما أفرزته من نتائج اجتماعية كارثية أصابت الشغيلة وصغار المنتجين- ات وفي الصدارة النساء المزارعات. تقتصر التقارير الرسمية وتلك الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية على الآثار الاقتصادية للجائحة والأزمة، وبالدرجة الأولى المؤشرات الماكرواقتصادية، التي تهتم أساسا بصحة الاقتصاد وليس بصحة البيئة والشعوب وصغار منتجي- ات. الغذاء.
أثبتت الجائحة خرافة عجز الزراعة الصغيرة والمعاشية وكونها عائقا أمام تقدم اقتصاد معلوم، يلقي بثماره على الجميع. بعد توقف سلاسل الإمداد العالمي، تقدمت المزارعة الصغيرة والمزارع الصغير إلى الصف الأمامي لتزويد المستهلِكات والمستهلِكين بما يضمن البقاء على قيد الحياة، بينما احتُجزت منتجات الزراعة الرأسمالية التصديرية في حاوياتها معرَّضة للتلف. من موقعنا كشبكة سيادة غذائية (شمال أفريقيا) وباعتبارنا جزءً من تنظيم وعمل ونضال صغار منتجي- الغذاء- ات، أخذنا على عاتقنا إبراز الصورة الحقيقية لمن يتقدم الصف الأمامي لمواجهة الجائحة وأزمتها. وللمساهمة في النداءات العالمية للاحتجاج النسوي، وجعل 8 مارس يوما للنضال وليس للاحتفال.
نقدم لقراء موقع سيادة، عدد من المقالات المختارة التي تتناول أوضاع النساء المزارعات في منطقة شمال أفريقيا، كتبها باحثون وباحثات على مدار سنتين من انطلاق الموقع. كان لهذه المقالات أن سلطت الضوء على واقع صغار منتجي/ات الغذاء، الذي عمقته أزمة كورونا. نحاول قدر المستطاع توفير مادة تثقيفية، نضالية وتحررية، ترصد وتُحلل الأوضاع التي تعيشها عاملات الزراعة في الضيعات الفلاحية الاستثمارية الكبرى، التي تسعى إلى الربح عبر استغلال اليد العاملة الزراعية وما تخلفه وراءها من كوارث اجتماعية (تدني الأجر الزراعي المرفق بعدد ساعات عمل طوال وأمراض مهنية ومحاربة العمل النقابي وإضفاء الهشاشة على شروط العمل…الخ). تعمل الشركات المتعددة الجنسية ايضا على تدمير الزراعات المعاشية بالاستحواذ على الأراضي وتفقير الفلاحين/ات الصغار، بالاستيلاء على الأسواق وتوظيف رؤوس أموال ضخمة والاستفادة من التسهيلات الضريبية، على النقيض من ذلك يرزح صغار منتجي/ات الغذاء في دوامة الديون المتراكمة وصعوبة الولوج إلى الأسواق…الخ.
إن للنساء دور بالغ الأهمية في الحفاظ على البذور الأصلية وعلى إطعام ملايين من الناس عبر المعمور، ويقع على كاهلن العبء الأكبر من مشاق العناية بالأرض والمواشي وحتى بيع المنتوجات المعاشية في الأسواق المحلية. تقاوم النساء ظروف شظف العيش هاته بوسائل شتى، يأتي على رأسها النضال الجماعي ضد الشركات الاحتكارية، كما هو الشأن بالنسبة للنضالات في منطقة أولاد جاب الله بتونس. نضال النساء في عموم منطقة شمال أفريقيا، في الحاجة إلى توثيقه وتعميمه و التعريف به قصد الاستفادة من خبرات النساء المزارعات المناضلات، لتخصيب نضالات أخرى قادمة لا محالة والأكيد سيكون للنساء فيها الدور الرئيس، من أجل بلوغ سيادة شعبية على الغذاء والموارد. تسعى شبكة شمال أفريقيا للسيادة الغذائية، إلى جانب كل حركات النضال الأخرى، لأن تكون منارةً وصوتا لمن لا صوت لهم، صوت “معذَّبَات ومعذَّبِي الأرض”… نحن منفتحون على الجميع مزارعات ومزارعين وتعاونياتهن- هم وجمعياتهن- هم ونقاباتهن- هم. فلتتظافر جهود الجميع، ولنجعل من الثامن من مارس فرصة نلُفِت بها أنظار العالم أن كل شيء يتوقف علينا نساً ورجالاً، وبدوننا سيموت الجميع جوعا؛ من أجل عالم نُنتج فيه ما نأكل، عالم نقضي فيه على الطابع السلعي لكل ما يُعتبر أصل الحياة: ماء وأرض وخدمات عمومية.
موقع سيادة
لتحميل الكراس : اضغط هنا