سدُّ النّهضةِ… ودَورُ مؤسّساتِ التمويلِ الدوليّة في تسليع مياه النيل



مُقدّمة

مصرُ “هبةُ النيل”  مقولةٌ ردّدها العالم اليوناني “هيرودت” عندما زار مصر منذ قرونٍ مضت قبل الميلاد، ولكن هل ستظلُّ مصرُ هبةً للنيل أم أنّ القادمَ أخطرُ؟ في ظلّ قيام إحدى دول المنبع وهي أثيوبيا ببناء سدّ “النهضة” والذي سبقه بعض السدود الصغيرة مثل سدّ بليس     ، وسيتبعه لاحقًا سدودٌ أخرى، الأمر الذي سينعكسُ بالسلب على وضعية دولة المصبّ(مصر) والممرّ “السودان” تأثّرًا بالغًا.

وفي هذا الصدد تذهبُ كثيرٌ من الآراء في طرح عدّةَ تساؤلات، بعضُها يذهبُ إلى أحقّية دول المنبع في الأنهر الدولية من إنشاء السدود التي تساعدها على تنمية مواردها الاقتصادية بينما، على الجانب الآخر، هناك حالةٌ من الرفض لمشروعات السدود بالنسبة لدول المصبّ التي تتشارك مع دول المنبع في تلك الأنهار الدولية بدعوى التحكُّم في مواردها المالية بوساطة دول المنبع، إضافة إلى التأثير السلبي الذي سيلحقّ بحقّ مواطني تلك البلدان في الوصول للمياه.

وبعيدًا عن تلك الآراء، فإنّ هناك كثيرًا من المشكلات الإيكولوجية السلبية والمدمّرة للموائل الطبيعية المصاحبة لبناء السدود عامة.

في السياق ذاته، يبرز خطاب سائد تروِّجه مؤسسات التمويل الدولية بأن إدارة الأحواض النهرية هي قضايا ذات طابع فنّي بحت بعيدًا عن أي أبعاد أخرى وبخاصة البعدُ السياسي والاقتصادي في آنٍ واحدٍ معًا، وفي هذا الإطار يتمّ تناول قضايا السدود والتي من بينها سدُّ “النهضة” باعتبارها قضايا ذات طابع فني، حيث يتمّ حصر المفاوضات في هذا الجانب، في حين يتمّ استبعاد ما هو سياسي واقتصادي من تلك المفاوضات،  في هذا السياق يأتي اتفاق الخرطوم الذي جرى التوقيع عليه بين مصر والسودان وأثيوبيا والذي سبقه اتفاق “عنتيبي” الذي جرى التوقيع عليه في أيار/مايو 2010 بين عدد من دول حوض النيل باستثناء مصر، والسودان، وإريتريا.

وكانت أثيوبيا قد قامت بفعل استباقي بعيدًا عن أيّ مشاورات مع دول حوض النيل وبخاصة دولتا المصبّ والممرّ بداية من عام 2010  بتوقيع اتفاقية “عنتيبي” بمشاركة بعض دول حوض النيل، ثم لاحقًا جرى التوقيع على اتفاق الخرطوم في 10 مايو 2015 الخاصّ بكونه اتفاقًا عامًّا للتعاون  المشترك.

وفي اعتقادنا أنّ الجدل المثار حول سدّ “النهضة” وغيره من السدود التي تقام على الأنهار الدولية يأتي في إطار السياسات الدولية الرامية إلي إحكام السيطرة على موارد المياه بوساطة الشركات عابرة القومية وبدعم ومساندة من مؤسّسات التمويل الدولية وبخاصة البنك الدولي والاستثمار الأوربّي، ….إلخ.

ولعلّ الهدف من وراء دور هذه المؤسّسات هو تحويل تلك الأنهار العالمية التي تدخل ضمن إطار المِلكْ العام للأمم والشعوب التي ظلّت تتعاون فيما بينها في إدارة تلك الموارد في إطار القيمة الانتفاعية إلى قيم تبادلية لصالح الشركات الكبرى ومؤسّسات التمويل الدولية.

ولعلّ سدّ النهضة يمثّل واحدًا من تلك التجارب التي تهدف لأن تكون نموذجًا يُحتذى في خلق أسواق دولية للاتجار في المياه.

وما يعنينا في هذه الورقة المنهجية المبنية على الحقّ في الوصول للمياه، باعتباره حقًّا أصيلا لكل إنسان بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ومن ثم فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هل بناء سد “النهضة” أو غيره من سدود تقام على منابع الأنهار هو حق لدول منابع الأنهار،  أم كونه مدخلًا للتحكّم والسيطرة الاقتصادية والسياسية؟، وأيضا لخلق وجني الأرباح بوساطة مؤسسات التمويل الدولية وشركات الاتجار في المياه عابرة القوميات مثال فيوليا، السويس ….إلخ.

في المقابل، يتمّ تغليف خطابات التحكّم والسيطرة على منابع الأنهار بخطابات من قبيل حقوق الدول في التنمية في الوقت الذي تسعى فيه تلك الدول على الضفّتين في المضي قدمًا في تسليع الموارد الطبيعية وفي القلب منها الحقّ في المياه.

في هذا السياق تأتي هذه الورقة التي تحاول أن تتناول قضية سدّ “النهضة” كنموذج تروّج له شركات المياه عابرة القومية ومؤسّسات التمويل الدولية لخلق الأسواق الدولية للتجارة في المياه، والانتقال من كون الماء حقًّا إلى سلعة تباع في الأسواق الدولية، وفي ضوء هذه الإستراتيجية تتحرّك السياسات المائية في دول حوض النيل.

ونحاول أن نتناول هذه القضية في عدد من المحاور نتناول في المحور الأول منها سياسات تسليع المياه من البنك الدولي إلى دول حوض النيل،  وفى المحور الثاني نتناول بعض الحقائق المتعلقة بواقع الموارد المائية  في دول حوض النيل وبالتركيز على أثيوبيا ومصر، بينما نتناول في المحور الثالث طبيعة الخلاف الناشئ بين مصر وأثيوبيا بدلًا من التعاون المشترك، وفى المحور الرابع نعرج على الإدعاءات التي تتناولها خطابات دول حوض النيل في التأكيد على الحق في المياه في الوقت الذي تقوم فيه بتنفيذ سياسات تقوم على مبدأ التسليع، بينما في المحور الخامس نشير إلى بعض البدائل التي يمكن استخدامها  للخروج  من نفق الندرة المائية بدول حوض النيل.

المحور الأول: سياسات تسليع المياه من البنك الدولي إلى دول حوض النيل

على الرغم من العديد من الدراسات التي قامت بها منظّمات المساءلة في دول عديدة  إلّا أنّ خصخصة الموارد المائية لم يأتِ بفائدة لأفقر فقراء العالم ولا كانت ذات جدوى اقتصادية، ومن ثم  نادت كثير من الدراسات بأن يكفَّ البنك الدولي عن بذل كافة الجهود في خصخصة قطاع المياه والاستعاضة عن ذلك بالاستثمار في نظم تقوم على مزيد من المساءلة العلنية من قبل المواطنين ([1]).

إلا أنّ البنك الدولي وفى رسم سياساته لا يكفُّ عن ربط الاستدامة المائية بآليّات السوق، يعاونه في ذلك كثير من المؤسسات وبعض منظّمات المجتمع المدني التي تتذيل خطاباته التي تعمد إلى الترويج إلى ربط استدامة الموارد المائية بآليات السوق.

فقد عمد البنك الدولي على الاستثمار في قطاع المياه على الصعيد الدولي حيث تُعدّ مجموعة البنك الدولي أكبر مصدر عالمي للتمويل الخارجي للتدخّلات ذات الصلة بالمياه. وبلغ إجمالي الموارد المالية المُقدَّمة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية لتمويل مشروعات المياه والصرف الصحي خلال خمس سنوات في الفترة من 2009 إلى 2013  الماضية ما قيمته  16,9 مليار دولار[2]

وفى المنطقة العربية وعلى مدار ما يقرب من 60 عامًا بدأت منذ 1961، بلغت جملة تلك الاستثمارات ما يزيد عن الــ15 مليار دولار في 284 مشروعًا اختصت مصر وحدها بـ25 مشروعاً [3]، وعلى الرغم من هذه الاستثمارات مازالت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني المزيد والمزيد من المشكلات المائية بشهادة البنك الدولي ذاته.

وتقوم رؤية البنك الدولي الأساسية في مجال إدارة المياه على عدد من المحاور الأساسية التي تشير إلى  أنّ تحقيق الأمن المائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتطلّب طريقة جديدة للنظر إلى إدارة المياه. فقد أدّت السياسات والحوافز ومواطن الضعف المؤسّسي في بلدان كثيرة إلى الاستخدام عديم الكفاءة متدنّي القيمة للمياه بالإضافة  إلى تقديم خدمات للمياه لا يعتمد عليها، وعدم تنظيم استخدام المياه وتصريف المياه العادمة. وعلى الرغم من ندرة المياه، تعتبر رسوم خدمات المياه في المنطقة شديدة الانخفاض، ويعتبر الدعم الفعلي للمياه في المنطقة الأعلى  في العالم وتشجّع هذه السياسات تدهور الموارد ، وتفاقم  عجز الموازنات، وتزيد مكامن الضعف تعقيدا. وسيكون للطريقة التي يتمّ  إيصال المياه بها وتخصيصها وتسعيرها وإدارتها تداعياتٌ عميقةٌ على النموّ الاقتصادي في المنطقة، وستحدّد هيكل اقتصادها واستدامتها البيئية الاحتواء الاجتماعي والاستقرار الإقليمي[4].

وعلى المجتمعات أن تتجاوز النهج التقليدي في إدارة هذه الندرة بتعزيز الإمدادات والنظر في الحلول المثيرة للجدل، والتي قد تشمل سياسات تتمخّض عن حوافز للمحافظة على المياه وكفاءة استخدامها، بما في ذلك الرسوم والغرامات والتصاريح والتسعير، وكذلك إعادة تدوير المياه العادمة وإعادة استخدامها، وإعادة تخصيص المياه من المستخدمين الريفيين إلى المستخدمين بالمدن  ومن الزراعة إلى الصناعة،  أضف إلى ذلك أنّ الاحتواء الاجتماعي يجب أن يكون محوريًّا لتقديم خدمات المياه وسبل حماية القطاعات السكانية الفقيرة والمهمّشة من المخاطر المرتبطة بالمياه[5].

ويكمن جزء من تحدي المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إدارة الطلب ووضع الحوافز المناسبة للاقتصاد في المياه، وهذه قضايا حسّاسة سياسيًّا لكن مثل هذه الإدارة لا غنى عنها، لتحسين تقديم خدمات وإنتاجية الموارد المائية. وبإمكان رسوم خدمات المياه أن تشجّع على المحافظة عليه. وبإمكانها أيضًا توفير التمويل لحماية الموارد المائية وصيانة البنية التحتية وتقديم الخدمات[6]

ويستلزم إدارة الموارد المائية في المنطقة بشكل أفضل والموازنة بشكل مستدام بين العرض والطلب عن طريق ثلاث إستراتيجيات يمكن انتهاجها لتعزيز الأمن  المائي، وهي:

  • خفض استخدام (أو فقدان) المياه للحدّ من الطلب.

تشمل إستراتيجيات إدارة الطلب رسوم خدمات المياه والتسعير اللذين يجسدان ندرة  المورد ويشجعان على الحفاظ عليه؛ والحوافز والتقنيات الرامية إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة؛ ومكافحة الفقد والتسرب.

  • إعادة تخصيص المياه لمواءمة الطلب.

تشمل اللوائح التنظيمية والأدوات المستندة إلى السوق تخطيط وتحديد أولويات استخدامات المياه عالية القيمة التي تقابلها ضمانات للإنصاف والاستقرار الاجتماعيين؛ وحقوق المياه والدعم المالي وسياسات التسعير؛ واللوائح التنظيمية والإنفاذ لمكافحة الاستغلال المفرط غير المخطط.

  • توفير (أو إيجاد) مزيد من المياه لتلبية الطلب.

 تشمل الاستجابات على جانب العرض تطوير محفظة متنوعة من الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية؛ والاستخدام المنسق للمياه السطحية والجوفية؛ وتجميع مياه العواصف وإعادة تدوير المياه العادمة وإعادة استخدامها

وفى ضوء خطابات البنك الدولي أنّ عدم تسعير خدمات المياه بشكل سليم يؤدّي إلى تقويض الاستدامة المالية لتلك الخدمات. ويفوق متوسط تكاليف الخدمة متوسط رسوم الخدمة في معظم بلدان الشرق)، (الجمعية العربية لمرافق المياه 2014) ممّا يدلّ على  نقص استرداد التكلفة. ويبلغ السعر الذي يتمّ تحميله على مستهلك المياه في المنطقة العربية في المتوسط 35 % من تكلفة الإنتاج من المصادر التقليدية. وفي حالة المياه المحلّاة لا تغطّي الرسوم إلا 10% فقط . ويعتبر استرداد لضمان استدامة خدمات المياه على المدى الطويل، كما أنّ عدم استرداد التكاليف بإمكانه أن يقوّض بشدّة قدرة مرفق المياه على معالجة المياه العادمة وأيضًا يؤدّي إلى تدهور جودة المياه وتدهور النظم الأيكولوجية للمياه العذبة[7].

ويضع البنك الدولي في دراسته تلك إشارة إلى المقارنة بالأسعار على المتر مكعب من استهلاك المياه في بعض بلدان المنطقة العربية ومثيلتها من البلدان الأخرى، فعلى سبيل المثال لا تتجاوز قيمة المتر مكعب من استهلاك المياه في القاهرة، والإسكندرية، وبيروت ، وجدة، ودمشق النصف دولار نجدها في مدينة لندن  مثلًا تصل إلى أربعة دولارات للمتر مكعب الواحد، وفي الوقت الذي تزيد فيه عن الدولار الواحد بالنسبة لمدن عربية كالدار البيضاء والرباط وتقترب من الــ2 دولار في رام الله ومسقط وأبوظبي

إنّ تثمين وتسعير المياه قضية حسّاسة سياسيًّا ولكنّه أمر ضروري، وفى استقصاء حديث أجراه “المنتدى العربي للبيئة والتنمية” أنّ 77% من المشاركين في هذا الاستقصاء مستعدون لدفع رسوم أكبر لاستهلاك المياه في مقابل تحسين المزايا الاجتماعية [8]

ممّا سبق يؤكّد البنك الدولي في خطاباته على ربط كفاءة إدارة المياه بتسليع هذا المورد، وهو ما يرِدُ في خطاباته وأيضًا سياساته والتي تعكس نفسها في كافّة قروض البنك الدولي لتمويل مشاريع المياه في كافة بلدان العالم.

المحور الثاني: حقائق حول الموارد المائية بدول حوض النيل .

يتشكّل حوض النيل من عشر دول هي مصر، والسودان، وجنوب السودان، وأثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وبوروندي، وتنزانيا، والكونغو الديمقراطية، وكينيا، وإريتريا كمراقب، ويغطى حوض النيل مساحة 3,4 مليون كم² من المنبع في بحيرة فيكتوريا حتّى المصبّ في البحر المتوسط[9].

 يعدُّ نهر النيل أطول الأنهار في العالم الذي يمتدّ لمسافة 6690 كيلو متر مربّع [10]  من منابعه الاستوائية إلى مصبّاته في البحر المتوسط، مارًّا بإحدى عشرة دولة تمتدّ من دول منابع النيل وهي  مصر باعتبارها دول مصبٍّ، والسودان وجنوب السودان باعتبارهما دولتي ممرّ، وباقي الدول دول المنبع[11]. (ساسة بوست، 30 أبريل 2014)، وتعدّ مصر (100 مليون نسمة، ومليون متر مكعّب من حيث المساحة) باعتبارها دولة المصبّ هي أفقر تلك البلدان من حيث ندرة المياه إذ يمثّل مورد النيل 97 % من موارد مصر المائية، الــ3% الباقية هي مياه جوفية واحد بالمئة فقط مياه متجدّدة والباقي غير متجدّد، وتبلغ حصة مصر المائية وفقًا لاتفاقيات دول حوض النيل 55 مليار متر مكعب، بينما تحصل السودان على 18 مليار متر مكعب بنسبة تمثّل 77% من مواردها المائية.

بينما أثيوبيا التي يقطنها 82 مليون نسمة (تعداد 2011) يوجد بها 12 نهرًا و11 بحيرة عذبة وأربع بحيرات بركانية، ويصل كمّية الأمطار المتساقطة على الهضبة الأثيوبية بــ935 مليار متر مكعب في السنة منها 590 مليار متر مكعب تتساقط على منابع النيل الأثيوبية، وذلك بخلاف المياه الجوفية المتجدّدة التي تبلغ حوالي 20 مليار متر مكعب [12] لا توجد لديها أىّ مشكلات مائية من حيث قدرتها على توفير المياه اللازمة للزراعة حيث إنّ حجم الأمطار المتساقطة على الهضاب الأثيوبية أثيوبيا، ومن ثم فإنّ المشكلات التي تعانيها أثيوبيا تتعلّق بمدى توافر البنية الأساسية القادرة على التعامل مع هذه الوفرة المائية.

ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، لماذا تثار هذه التوترات المائية بين دول حوض النيل الآن؟ وهل يعنى ذلك أنّ مياه النيل لا تكفي سكّانها “الذين يزيد عددهم عن ثلاثمئة مليون نسمة، تمثّل مصر ما يقارب الــ27% منها؟.

الحقيقة أنّ مساحة النيل البالغة 2,960,000 كيلو متر مربّع، لا يستقبل سوى ما يقارب الــ25% من جملة الأمطار المتساقطة على الهضبة الإثيوبية والاستوائية ومن ثم، فإنّ هناك 75% من جملة الأمطار المتساقطة يذهب الجزء الأعظم منها هدرًا سواء في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وإذا كانت الأرقام تتحدّث عن أنّ حصة مصر والسودان معًا تصل إلى 74 مليار متر مكعب ( 55,5 لمصر، 18,5 للسودان) فإنّ هناك ما يزيد عن أضعاف هذا الرقم تذهب هدرًا (وتدور هذه الأرقام بين1,6 إلى 2 تريليون متر مكعب) وهباء بسبب سوء إدارة الموارد المائية المتساقطة على الهضاب الأثيوبية والاستوائية معًا (79,5% من موارد النيل تأتى من الهضبة الأثيوبية، 15% من الهضبة الاستوائية)، ومن ثم، يمكن القول إنّ مياه النيل تكفى دول الحوض جميعا إذا ما أخذت إدارة هذا الموارد بيديها وبيديها فقط، وهناك من الخبرات الفنّية والمالية أيضًا ما يكفي إذا ما اجتمعت إرادة دول حوض النيل على التعاون فيما بينها في الاستفادة من الموارد المائية مجتمعة.

ولكنّ عودة للسؤال الذي سبق أن تمّ طرحه وهو، لماذا تثار هذه التوترات الآن؟ وهل الأمر يتعلّق بالغبن الذي تشعر به بعض دول حوض النيل وبخاصة “أثيوبيا” لأنّها لا تستفيد من مياه النيل وفقًا لاتفاقية 1959، أم أنّ الأمر يعود إلى غياب التعاون المشترك بين دول حوض النيل في تعظيم الاستفادة من هذا النهر وبخاصة أنّ ما يصل من المياه كجريان سطحي  والمتمثّل في 84 مليار متر مكعب، لا تمثّل سوى 5% فقط [13].

2/1 الحقوق التي تردُ على الأنهار الدولية

المياه ملك مشترك، وأنّ النهر الدولي الذي يمرُّ عبر عدد من الدول يعدُّ ملكًا طبيعيًّا مشتركًا، وقد ذهبت الجمعية العامّة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والأربعين عام 1958 على أن أيّ نظام للأنهار والبحيرات ينتمي لحوض صرف واحد يجب معاملته كوحدة متكاملة وليس كأجزاء منفصلة وكل دولة مشتركة في نظام مائي دولي لها الحقّ في نصيب معقول في الاستخدامات المقيّدة لمياه حوض الصرف، وأنّ على الدول المشاركة في النهر احترام الحقوق القانونية للدول الأخرى المشاركة فيه، مع حماية الحقوق المكتسبة الناجمة عن الاستغلال لفترة طويلة دون اعتراض باقي دول النظام المائي[14].

اتفاقية استخدام المجارى المائية الدولية في غير الشؤون الملاحية في 21 مايو 1997 وقد انطوت الاتفاقية على عدد من القواعد الأساسية من بينها احترام اتفاقيات المياه السابقة، الانتفاع والمشاركة المعقولان، عدم التسبّب في ضرر جوهري لأيّ دولة من دول المجرى المائي، ثم مبدأ الإخطار المسبق عند إقامة أيّ مشروعات مائية.

على أنّ الحق الأساسي الذي يحكم قواعد الأنهار الدولية هو قاعدة الارتفاق وفى هذا الصدد يشير الدكتور “نبيل حلمي”، أن نهر النيل هو أحد الأنهار الدولية لمروره بأكثر من دولة، لذا، فإن القانون الدولي ينظّم حقوق الدول المارّ بها وفقًا لـ«حقوق الارتفاق»، وهو ما يمنع دولة واحدة من تنظيم حصص المياه في النهر[15].

المحور الثالث: الصراع في مقابل التعاون المشترك

 لعلّ السؤال الذي يطرح نفسه ضمن هذا المحور متى بدأت قصة الصراع بين مصر وأثيوبيا؟، تشير بعض الدراسات إلى أنّ بداية هذا الصراع لعلّ البداية تعود إلى عام 1995 مع محاولة اغتيال “مبارك” أثناء ذهابه لحضور القمّة الأفريقية في أديس بابا آنذاك، والذي امتنع لاحقًا عن زيارة دول أفريقيا بما فيها مؤتمراتها وبما فيها دول حوض النيل[16]، وعلى الرغم من هذا الفعل السياسي وأثره السلبي على غياب مصر عن الساحة الأفريقية، والتي تعمّقت مع منتصف السبعينيات التي شهدت قيام رئيس الجمهورية المصرية آنذاك “محمد أنور السادات” باستخدام القوة في حالة أيّ محاولة أثيوبية لبناء أيّ سدود على منابع النيل وذلك في عام 1978، وبرزت على السطح مقولة حروب المياه، وما أعقب تلك من عقود شهدت غياب شبه كامل لأيّ أثر مصري ليس على الساحة السياسية فقط ولكن أيضا الساحة الاقتصادية، وذلك في مقابل حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والتي كانت قد شهدت حضورًا مكثّفًا للثقل السياسي والاقتصادي المصري في الساحة الأفريقية وما لعبته من دورٍ بارزٍ مع حركات التحرّر الأفريقية آنذاك.

ولعلّ المحطّة الرئيسة التي كانت بداية الصراع حول موارد المياه هي في اعتقادنا عام 1998 مع ميلاد مبادرة دول حوض النيل التي تمّت برعاية مؤسّسات التمويل الدولية وعلى رأسها البنك الدولي، حيث برز خطاب جديد يتناول مشكلات المياه من منظور سلعي يرى في المياه موردًا ثمينًا يمكن أن يدرَّ أرباحًا طائلة ومن ثَمّ، تغيّرت النظرة إلى المياه من كونها حقًّا إلى سلعة يمكن الاتجار فيها. ولعلّ هذه النظرة التي تتعامل مع المياه باعتبارها سلعة وليس حقًّا هي الدافع الأساسي لهذه التوترات، ومن الأعجب أنّ “مصر” وهى البلد الأكثر تضرّرًا باعتبارها البلد الوحيد من بين كل دول حوض النيل التي ليس لها أيّ مورد مائي آخر سوى مياه النيل باستثناء أربعة  مليارات متر مكعب مياه جوفية منها ثلاثة مليارات متر مكعب غير متجدّدة.

لكنّها وفى الوقت ذاته هي التي قادت الترويج لسياسات “البنك الدولي” وحفنة من الشركات عابرة القوميات التي تتاجر في المياه وبعض وكالات المعونة مثل وكالة المعونة الأمريكية، والكندية، والهولندية … إلخ وهذه السياسات التي يجرى الترويج لها تقوم على النظر إلى المياه باعتبارها سلعة يجب الإتجار فيها وهذا التوجّه الذي قاده “البنك الدولي” وروّجت له الحكومة المصرية بدءًا من النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي والذي توّج بإنشاء مبادرة دول حوض النيل في عام 1999برعاية مباشرة من “البنك الدولي”.

وفي إطار هذه المبادرة طرحت مجموعة من المشروعات يقوم جوهرها على إدارة منابع نهر النيل على أساس تجاري، على سبيل المثال التجارة الإقليمية للكهرباء والذي لن يتحقق إلا من خلال بناء بعض السدود على منابع النيل. في السياق ذاته تجدر الإشارة إلى المؤتمر الذي نظّمه “البنك الدولي” عام 2000 في “لاهاي” والذي ناقش تقرير اللجنة العالمية للمياه التي كان مقرّرها آنذاك الدكتور “إسماعيل سراج الدين” نائب رئيس البنك الدولي آنذاك، وكانت مصر التي مثّلها وفد كبير برئاسة وزير الري السابق الدكتور “محمود أبو زيد” وكانت “مصر” من أكثر الدول حماسًا وتأييدًا لتقرير المؤتمر الذي يقوم على  أساس تسليع المياه والاتجار بها، وهذا التقرير أيضًا كان الأساس الذي قام عليه “المجلس العالمي للمياه” الذي يدين في نشأته  لمدينة “مارسيليا” الفرنسية بقوة لوجود عدد من الشركات الفرنسية عابرة القوميات في مجال المياه، وأيضًا للدكتور “محمود أبوزيد” وزير الري المصري السابق  الذي ترأسه في أغسطس 2003.

وفي إطار هذه التوجّهات الجديدة الرامية إلى الاتجار في مياه النيل جرى دخول أطراف جدد في الإدارة المائية لدول حوض النيل وهي “البنك الدولي”، بعض الوكالات الدولية وشركات عابرة للقومية في مجال الاتجار في الماء، بدلًا من إعمال مبدأ التعاون المشترك لدول حوض النيل القائم على الإرادة المستقلّة.

كما جرى في ركاب دخول “البنك الدولي” تقويض مراكز بحوث دول حوض النيل وعلى رأسها المراكز المصرية واستقدام خبراء من “البنك الدولي” يقومون برسم السياسات المائية لدول حوض النيل بدعوى تعظيم الاستفادة من منابع النيل.

وفي هذا السياق نعيد التذكير بالتحذيرات التي  سبق وأن أطلقها أحد الخبراء المصريين وهو الدكتور”رشدي سعيد” منذ سنوات خلت حيث ذهب إلى القول إنّ دخول مصر هذه المبادرة “يقصد مبادرة دول حوض النيل” تكون قد وافقت وبطريقة ضمنيّة على مبدأ اعتبار المياه سلعة تحكمها قواعد السوق وهو مبدأ قد تكون له تبعات خطيرة كدولة مصبّ تصلها المياه من دول أخرى قد تجد في هذا المبدأ أساسا للمطالبة بثمن المياه التي تأتى منها في المستقبل[17]، وقد صدقت نبوءة الدكتور “رشدي سعيد” عندما وجدنا  أحد المسؤولين عن ملف المياه بإحدى دول المنبع يقول إذا أرادت مصر أن تحصل على المياه فعليها أن تدفع.

وما ذهب إليه أيضا وزير الري المصري السابق دكتور محمد نصر علام في أول حكومة جاءت من ميدان  التحرير وهي حكومة عصام شرف أبان ثورة يناير 2011، حيث اتهم دكتور نصر علام، “محمود أبوزيد”، في مذكرة كان قد أرسلها للدكتور “عصام شرف” رئيس الوزراء آنذاك، لبيان موقفه من قضية التفاوض حول الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، متهما فيها نظام مبارك بالتنازل عن حقوقنا المائية خلال مفاوضاته مع دول حوض النيل في يناير 2009. وقال في المذكرة التي حصلت «الشروق» على نسخة منها أنه «تولّى الوزارة بعدما قدمت مصر كلّ التنازلات، ولم يجد أيّ كارت للتفاوض به، ولم يكن هناك إلا الاستخدامات الحالية ورفضتها أيضًا دول المنابع، كما رفضت المبادرة الرئاسية المصرية ـ السودانية لإعلان مفوّضية النيل، وشنّوا علينا هجومًا جماعيًّا بإعلان شرم الشيخ وتمّ فتح باب التوقيع على الاتفاقية دون مصر والسودان .وأوضحت المذكّرة مراحل التفاوض حول الاتفاق الإطاري لحوض النيل بداية من تولي وزراء المياه التفاوض حتى أزمة اجتماعات كينشاسا، وتأثير المنشآت المائية في أعالي النيل على حصّة مصر، وحذر علام من خطورة الوضع المائي بسبب تأثير السدود الأثيوبية الجديدة على منابع النيل، رغم تهوين المسؤولين السابقين من خطورة القضية، والتأكيد الدائم على أنّ كلّ اتفاقات دول المنابع لن تؤثر في مصر على الرغم من أنّها تقوم على تحديد حصص مائية لها خصمًا من حصّتي مصر والسودان[18] .

وفي هذا السياق يأتي اتفاق “عنتيبى” الذي جرى التوقيع عليه في 14 مايو 2010، من خلال قيام بعض  دول حوض النيل منفردين (أثيوبيا، ورواندا، وأوغندا، وتنزانيا، وكينيا) بتوقيع  اتفاقية جديدة، تتعلق بتوزيع مياه النيل بعيدًا عن وجود دول المصب (السودان، مصر)، ” ويمنح الاتفاق الجديد دول منابع النيل الحق في إقامة المشروعات المائية في حوض النيل دون الحصول على موافقة مصر والسودان، بالإضافة إلى عدم الاعتراف باتفاقيتي ١٩٢٩ و١٩٥٩ لتنظيم موارد نهر النيل، وعدم الالتزام بنظام الحصص المائية لدولتي المصبّ «مصر والسودان”،

وفي أعقاب ذلك قامت “أثيوبيا” بالشروع في بناء سد النهضة الذي سبقه مجموعة من السدود الصغيرة والذي سيتبعه مجموعة سدود أخرى ليس في “أثيوبيا” فقط بل وأيضًا في بلدان أخرى من دول حوض النيل ولعلّ ما صرحت به وزيرة الري الكينية عند التوقيع على اتفاق “عنتيبي” يعطي صورة واضحة لطبيعة الصراع الذي بات يأخذ أبعادًا جديدة والتي أكّدت فيها “إن اتفاقية حوض النيل التي تمّ توقيعها عام ١٩٢٩ بين مصر ودول جنوب الحوض، أصبحت الآن «عتيقة وبالية وعفا عليها الزمن؛ لأنّ دول الجنوب كانت واقعة تحت سيطرة الاستعمار البريطاني، الذي وقع نيابة عنها، وقالت إنّه «برغم كل ذلك، فإنّ الإطار القانوني لاتفاقية ١٩٢٩ لا يرضى غالبية دول الحوض. هذه الاتفاقية لم يتمّ التفاوض عليها مع حكومة كينيا المستقلة. هذه الاتفاقيات التي تعود لعصر الاستعمار أعطت حقّ الاعتراض (الفيتو) لبعض البلاد على حساب الأخرى، وبالتالي أخلت بمبدأ التعاون بين الدول والمساواة فيما بينها لاستغلال مصادر المياه، في الوقت الذي أكّدت  فيه محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الحقوق في النهر الدولي مثل اتفاقيات الحدود.

على الجانب الآخر أشار الدكتور “نبيل حلمي” إلى أنه لا يمكن لأيّ دولة أن تغيّر اتفاقيات دولية حتى لو تذرعت بأنه جرى توقيعها في ظل الاحتلال والاستعمار، لافتًا إلى أن مبدأ الاستخلاف الدولي أو التوارث الدولي لا يمكن تغييره بتغيّر نظم الحكم في تلك البلدان، وضرب مثالًا على ذلك باتفاقية القسطنطينية الخاصّة بقناة السويس، الموقعة في عام ١٨٨٨، وكان يمثل مصر فيها الاستعمار البريطاني ومازالت مصر ملتزمة بها أمام المجتمع الدولي[19].

في السياق ذاته عندما ناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الموافق 28/7/2010  إدراج  موضوع المياه والصرف الصحي ضمن منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والتأكيد أنّ المياه تدخل ضمن نطاق المنظومة الدولية كحقّ من حقوق الإنسان، والذي صوّت عليه 122 دولة بينما امتنعت عن التصويت 41 دولة.

وقد بادرت الحكومة المصرية والوفود العربية على الموافقة على هذا المبدأ، في الوقت الذي امتنعت فيه ثلاث دول من حوض النيل وهي “أثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا” لتنضمّ إلى باقي الدول التي امتنعت عن التصويت وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، وكندا، وأستراليا، وإسرائيل … إلخ.

كما امتنعت أيضا “تركيا” عن التصويت، ومن المعروف أنّ الدولة التركية هي من الدول المتشاركة مع سورية والعراق في نهرى دجلة والفرات.

هذا وقد برّرت بعض الدول التي امتنعت عن التصويت موقفها بأنها لم تحصل على تعليمات من عواصمها في الوقت المناسب بينما ترجح العديد من المصادر أنّ الدول التي امتنعت عن التصويت إنما يرجع امتناعها إلى ضغوط سياسية مورست عليها.

ولا شكّ أنّ امتناع بعض دول حوض النيل عن التوقيع  يطرح العديد من علامات الاستفهام وأن هذا الامتناع يتوافق مع الرؤى الخاصة بمبادرة دول حوض النيل التي تتم برعاية من البنك الدولي وتسعى إلى الترويج للاتجار فى المياه وتسليعها، وهو ما ذهبت نفسه إليه الدول التركية التي سبق وأن حذر البيان الختامي لمنتدى الشعوب حول المياه في مارس 2009 بمدينة أسطنبول وذلك على هامش “المنتدى العالمي للمياه” آنذاك من ضرورة وقف الهيمنة التركية على منابع المياه بنهري دجلة والفرات.

المحور الرابع: الحق في المياه من مصر إلي أثيوبيا ….ادّعاءات تكذبها حقائق .

في الوقت الذي تكثر فيه الخطابات على ضفاف دول حوض النيل من تأكيد العديد من الدول بالحق في المياه كمدخل لكل سياستها في كلّ ما يتعلّق بمشروعات المياه، نجد أنّ أثيوبيا تسعى وبكل قوة من تأكيد مبدأ التسليع في إدارة الموارد البيئية وما يخلفه ذلك من انتهاكات تطال حقّ مواطنيها في الوصول للموارد الطبيعية، من بينها الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الأثيوبية “خاصة” بعد عمليات القمع التي طالت العديد من المتظاهرين على أثر أعمال العنف والاحتجاجات في الفترة من 2015 إلى 2016، نتيجة الشروع في انتزاع العديد من أراضي “الأورومو” الزراعية وأجزاء من أقاليمها لتوسيع العاصمة، وإقامة سدّ النهضة[20]“.

في السياق ذاته تشهد دول حوض النيل المزيد من الاستيلاء على الموارد الطبيعية وبخاصة ما يتعلّق بالأرض حيث يبرز سيادة نمط الاستيلاء على الأراضي مثال شركة “فاروس” الدولية للاستثمار التابعة للمملكة العربية السعودية، وشركات إماراتية ومصرية تسيطر على 30 مليون هكتار في الأراضي السودانية، شركة جنوب أفريقيا، وفي عام 2010 سيطرت شركة جنوب أفريقيا الصينية تسيطران على 12800مليون هكتار بالكونغو، أيضًا الشركة السويدية السعودية استولت على   900 ألف هكتار وذلك 2008 من الأراضي التنزانية ([21]).

 وفي القلب منها أثيوبيا ومصر، وهناك العديد من المشروعات التي يتمّ نزعها من الملك العام إلى الخاصّ وفى أثيوبيا قامت الحكومة الإثيوبية خلال العقدين الأخيرين سياسة مصادرة الأراضي الزراعية من صغار الفلاحين وبيعها للمستثمرين الأجانب، بحيث بلغت مساحة الأراضي المصادرة ما بين 60 إلى 80 مليون هكتار، وفقًا لما ذكرته صحيفة «تيجري نيوز» الإثيوبية. وأوضحت الصحيفة أنّ رئيس الحكومة الإثيوبي السابق مليس زيناوي قام عام 1995 بتعديل بعض مواد الدستور بحيث تصبح الأراضي الزراعية الموجودة في البلاد بمثابة «أملاك عامة للدولة» لا يمكن بيعها بشكل شخصي أو تبديله[22] ،

ولا يختلف الأمر كثيرًا في مصر حيث هناك بالفعل ما يقرب من 2000 محطة صغيرة لمعالجة المياه يديرها القطاع الخاصّ، وفي قطاع معالجة مياه الصرف بدأ التشغيل الفعلي لمحطة تمّ تنفيذها في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاصّ في القاهرة الجديدة، وتمّ بناء محطتين إضافيتين في مدينة السادس من أكتوبر وأبورواش والتي تقعان على مشارف القاهرة  

أيضًا وفي سابقة جديدة وانتهى الجهاز التنفيذي لمشروعات المياه والصرف الصحي بوزارة الإسكان من فتح المظاريف الفنّية والمالية لمناقصة إدارة وتشغيل محطة مياه القاهرة الجديدة، وفازت ولأول مرة بالمناقصة شركة إسبانية – مصرية، وتقدر الطاقة الإجمالية لمشروع محطة مياه القاهرة الجديدة بمليوني متر مكعب يوميًا، بينما المرحلة الأولى التي ستدخل الخدمة قريبا تبلغ طاقتها 500 ألف م3 يوميا، من المقرّر أن تخدم نحو مليوني مواطن، وستسهم في تنمية نحو 35 ألف فدان بمدينة القاهرة الجديدة، أي ما يعادل ثلث مساحة المدينة تقريبا[23]

الطريق نحو خصخصة المياه فى مصر

في عام 2015 شهد تغيّرًا جذريًّا وتطورًا ولأول مرة في تاريخ إدارة الري في مصر، من خلال صدور قرار رئيس الوزراء رقم 1562 لسنة 2015 [24]، الذي نصّ في مادته الأولى على إنشاء الشركة القابضة للري والصرف، يكون لها الشخصية الاعتبارية ومقرّها القاهرة، ويناط بها كما جاء في نص المادة الثانية “يكون غرض الشركة القابضة تنفيذ ومتابعة نشاط شركات صيانة شبكات الرى والصرف التابعة لها وإدارة الأنشطة المتعلّقة بها وللشركات وعلى الأخصّ:

  • تأسيس شركات مساهمة تؤسّسها الشركة بمفردها أو بالاشتراك مع الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصّة أو الأفراد.
  • شراء أسهم الشركات المساهمة أو بيعها أو المساهمة في رأسمالها.
  • تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية للشركة بما تتضمّنه من أسهم وصكوك تمويل وسندات وأية أدوات أو أصول مالية أخرى.
  • القيام بكافة الأعمال اللازمة لتصحيح الهياكل التمويلية ومسار الشركات المتعثرة التابعة لها وتعظيم ربحية هذه الشركات وترشيد التكلفة.
  • إجراء جميع التصرفات التي من شأنها أن تساعد في تحقيق كل أو بعض أغراضها”.

إنّ الأمر برمّته يدخل في طريق خصخصة مياه الري المصري  وبخاصة أن إصدار هذا القرار يأتي مواكبًا وصدى لاتفاق الشراكة القطرية بين الحكومة المصرية والبنك الدولي 2015- 2019، الذي أكّد “أنّ إدارة هذا المورد يتسم  بعدم الرشادة وأن صون الموارد المائية في مصر يجب أن يتمّ من خلال فرض سياسات سعرية تعمل على استعادة التكاليف، ومن ثم النظر إلى المياه باعتبارها سلعة ووضع سياسة سعرية خاصة بها، كما يرى اتفاق الشراكة القطرية أنّ سياسات إدارة الموارد المائية المتعلقة بالزراعة يجب أن يكون للقطاع الخاصّ دورًا محوريًّا بها وذلك من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة روابط مجالس المياه، كما يرافق ذلك سياسات محصولية تقوم على الزراعات المحصولية الاستثمارية وذات الطبيعة النقدية……”.  ولا شكّ أنّ إشراك القطاع الخاصّ في إدارة موارد الري المصرية وهو تحول شديد الأهمية والذي يحدث لأول مرة في تاريخ إدارة موارد الري في مصر من خلال مشاركة القطاع الخاص، ولاشكّ أنّ إنشاء الشركة القابضة هو خطوة انتقالية لخصخصة الموارد المائية والصرف في مصر وبخاصة في قطاع الزراعة.

المحور الرابع: بعض البدائل للخروج  من نفق الندرة المائية

إنّ أولى الخطوات الواجب أخذها في الاعتبار للخروج من نفق الندرة المائية هي:

– تأكيد النظر إلى المياه باعتبارها حقّ يرتبط ببقاء الإنسان ووجوده على قيد الحياة وأنّ التعامل مع المياه باعتبارها سلعة يقوّض هذا الحق وفي اعتقادنا أن هذا المدخل الذي يعد في جوهره إنسانيا وأخلاقيا هو الذي يجب أن يقود السياسة المائية ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن لدول حوض النيل مجتمعة وأن هذا المدخل يجب أن يترجم إلى واقع عملي سواء على مستوى دول حوض النيل أو على الصعيد المصري من خلال التأكيد على أن المياه ملكْ عام وحق لكل إنسان بعيدا عن السياسات الرامية إلى تسليعها، ومن ثم حق كل إنسان في الوصول للمياه اللازمة للشرب أو إنتاج الغذاء، وضرورة العمل على حث الحكومة المصرية بالتراجع عن تبنى السياسات الرامية إلى تسليع المياه بالتعاون مع بعض الوكالات الدولية مثل وكالة المعونة الأمريكية وغيرها من وكالات أخرى.

– يجب النظر في مبادرة دول حوض النيل وإعادة النظر في السياسات التي تحكم توجهاتها.

– ضرورة قيام حكومات دول حوض النيل وبالأخص الحكومة المصرية عن ضرورة الإفصاح والشفافية عن كافة المشروعات التي تتم في إطار مبادرة دول حوض النيل.

– انضمام دول حوض النيل إلى قرار الأمم المتحدة والذي يؤكّد الحق في المياه كأساس يضمن الالتزام الاخلاقى تجاه حق الشعوب في المياه.

– التأكيد على مبادئ إعلان الشعوب الصادر عن منتدى المياه البديل عام 2009 بأسطنبول والذي أكد رفض سياسات الهيمنة على المياه من بينها تركيا من خلال بناء  السدود على كل الأنهار الموجودة بها والتأثيرات السلبية الناجمة عن ذلك على منطقة الشرق الأوسط.

– كما أكد الإعلان أنه آن الأوان لرفض لا شرعية “المنتدى العالمي للمياه” وأن يكون المنتدى القادم منتدى للشعوب تحت مظلة الأمم المتحدة وأن تتولى تنظيمه المؤسسات المدنية والحركات الاجتماعية من فلاحين والنقابات  والسكان الأصليين …إلخ.

  • رفض لكل صور وأشكال خصخصة المياه والدعوة لأن تكون إدارة الموارد المائية بشكل عمومي وتشاركي وتتسم  بالعدالة والإنصاف بعيدا عن منطق الربح.
  • كما دعا الإعلان إلى إعمال مبادئ الديمقراطية والاستدامة في كل صور إدارة المياه، ورفض كل صور الاتجار بالمياه بهدف الربح والآثار السلبية الناجمة عن ذلك على التغيرات المناخية التي يمكن أن تخل بالتوازن البيئي على كوكب الأرض والآثار التدميرية الناجمة عن ذلك.
  • أيضا التأكيد على أن الوصول للمياه بالنوعية الجيدة حق من حقوق الإنسان ومن ثم فإن الحق في المياه يجب أن يصان من خلال تضمينه دساتير الدول والمواثيق الدولية.

– قيام دبلوماسية شعبية من منظمات المجتمع المدني على مستوى دول حوض النيل (بعيدا عن المؤسسات الحكومية التي ترتدي قناع المؤسسات غير الحكومية) وأيضا ضرورة التعاون مع منظمات المجتمع المدني  لبعض الحكومات التي تروّج لمشروعات مبادرة  دول حوض النيل ومنها الولايات المتحدة، وكندا، وهولندا، وفرنسا … إلخ وحثها على ضرورة الضغط على حكوماتها فيما يتعلق بإعمال حق الناس في الوصول للمياه اللازمة للشرب وإنتاج الغذاء بعيدا عن سياسات تسليع المياه.

لعل هذه الخطوات يمكن أن تكون خطوة على الطريق تتبعها خطوات أخرى يمكن أن تساعد في تعظيم الاستفادة الفعلية من مياه النيل واستعادة دور دول حوض النيل في إدارة أوضاعها المائية بنفسها والتأكيد على أن تعظيم الاستفادة يكمن بالأساس في تعميق التعاون المشترك.

الخلاصة

خلصت الورقة إلى سعى مؤسسات التمويل الدولي وعلى رأسها البنك الدولي، وبنك الاستثمار الأوربي، وبنك التنمية والأعمار الأوربي يعاونها في ذلك الشركات عابرة القومية، إلى الانتقال من الماء كحق إلى سلعة ولا يقف الأمر عند حدود الموارد المائية، بل يمتد إلى كافة الموارد الطبيعية، وذلك من خلال الترويج لخطابات تهدف إلى الانتقال بتلك الموارد من الملك العام إلى الملك الخاص باعتبار أن هذه السياسات تحقق فاعلية إدارة مورد المياه.

ولا يقتصر الأمر في الترويج لتلك الخطابات على مؤسسات التمويل الدولية فقط بل يمتد إلى منظمات من المجتمع المدني التي تستند عليها مؤسسات التمويل الدولية لإكساب خطابها مصداقية.

وفي هذا السياق يأتي سد النهضة الذي يعد نموذجا في الترويج لتلك السياسات بهدف خلق أسواق دولية للمياه لجني المزيد من الأرباح.

ومن ثم، فإن كل ما تبذله دول المنابع في الترويج لسياسات تسليع الموارد المائية باعتبارها مدخل للتنمية من خلال بناء السدود يأتي في السياق الذي يتم الترويج له من قبل مؤسسات التمويل الدولية وبدلا من التصدي لتلك السياسات من قبل دول المصب والممر كخط الدفاع الأول في صون حقوقها فإنها تمارس الأدوار المفروضة نفسها عليها من قبل مؤسسات التمويل الدولية في الترويج تلك  السياسات الساعية إلى تسليع الموارد المائية ومن ثم مزيد من الانتقاص لحقوق المواطنين على ضفتي المنبع والمصبّ في الوصول للمياه.

ملاحق الدراسة

إطار رقم 1  بأهم هذه الاتفاقيات المرتبطة بحوض النيل؟

وقعت مصر عددًا من الاتفاقيات بحوض النيل، ربما يكون المشترك فيما بينها عدم إقامة أي مشروعات على مجرى النهر أو فروعه تقلِّل من
نسبة تدفُّق المياه إلى مصر، وهذه الاتفاقيات حسب ترتيبها الزمني كما يلي:

(1) عام 1891: أبرمت بريطانيا باسم مصر والسودان اتفاقًا مع إيطاليا –التي كانت توقع باسم أريتريا- يقضي بالامتناع عن إقامة أية أعمال أو منشآت على نهر عطبرة يكون من شأنها التأثير بدرجة محسوسة على مياه نهر النيل .

(2)عام 1902: أبرمت بريطانيا نيابة عن مصر والسودان اتفاقا مع إثيوبيا تتعهد بمقتضاه بعدم القيام بأعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا قد تؤدي إلى التأثير في مياه النيل إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية.

 (3) عام 1925: اتفاق بين إيطاليا وبريطانيا ويكفل اعتراف إيطاليا بالحق المسبق لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وتعهدها بعدم إقامة أي إنشاءات من شأنها أن تؤثر تأثيرًا ملحوظا في المياه التي تصل إلى النهر الرئيسي .

(4)  عام 1929: أهم الاتفاقات المرتبطة بحوض النيل، هي اتفاقية أبرمتها الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل، أوغندا وكينيا وتنزانيا، تتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل كما ينحصر حق الاعتراض حال إنشاء هذه الدول لمشروعات على فروع النيل قد ترى مصر أنها تهدّد أمنها المائي، كما تنصّ على تقديم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.

كما أبرمت مصر اتفاقا مع بريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء سد على شلالات “أوين” لتوليد الطاقة ولرفع مستوى المياه في بحيرة فيكتوريا لكي تتمكن مصر من الاستفادة منها وقت التحاريق على أن تدفع النفقات اللازمة وتعويض الأضرار التي تصيب أوغندا من جراء ارتفاع منسوب المياه في البحيرة.

(5) عام 1959: وتعتبر استكمالًا لاتفاقية عام 1929، وتمّت عقب استقلال السودان عن مصر، وفيها تمّ توزيع حصص المياه بين البلدين والبالغة 84 مليار متر مكعب تخصص منها 55,5 مليار متر مكعب لمصر، و18,5 مليار متر مكعب للسودان، ولكن دول المنبع الثمانية رفضت الاتفاقية واعتبرتها غير عادلة.

 (6) مبادرة عام 1999: يفترض أنها تمثّل الآلية الحاليَّة التي تجمع كل دول الحوض تحت مظلة واحدة تقوم على مبدأين أساسيين؛ هما: تحقيق المنفعة للجميع، وعدم الضرر، إلا أنها آلية مؤقتة، ليست معاهدة أو اتفاقية، لذا فإنها لا تحمل قوة إلزامية أو قانونية.

ملحق رقم  2  اتفاق حول إعلان مبادئ بين جمهورية مصر العربية وجمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان حول مشروع سد النهضة الإثيوبي العظيم

ديباجة:

تقديراً للاحتياج المتزايد لجمهورية مصر العربية، وجمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، وجمهورية السودان لمواردهم المائية العابرة للحدود؛

وإدراكًا لأهمية نهر النيل كمصدر الحياة ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان؛

ألزمت الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشان سدّ النهضة:

1- مبدأ التعاون:

–  التعاون على أساس التفاهم المشترك، والمنفعة المشتركة، وحسن النيّات، والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي.

–  التعاون في تفهّم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصبّ بمختلف مناحيها.

2- مبدأ التنمية، والتكامل الإقليمي والاستدامة:

–  الغرض من سدّ النهضة هو توليد الطاقة، والمساهمة في التنمية الاقتصادية، والترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.

3-  مبدأ عدم التسبّب في ضرر ذي شأن:

–  سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنّب التسبّب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيس.

– على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول، فإنّ الدولة المتسبّبة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضرّرة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلّما كان ذلك مناسبًا.

4- مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب:

–  سوف تستخدم الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب.

 – لضمان استخدامهم المنصف والمناسب، سوف تأخذ الدول الثلاث في الاعتبار كافة العناصر الاسترشادية ذات الصلة الواردة أدناه، وليس على سبيل الحصر:

أ- العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية؛

ب- الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية؛

جـ- السكان الذين يعتمدون على الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض؛

د- تأثيرات استخدام أو استخدامات الموارد المائية في إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى؛

هـ- الاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية؛

و- عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن؛

ز- مدى توفّر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد؛

حـ- مدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل؛

طـ- امتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.

5- مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السدّ:

–  تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصى بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع.

–  تستخدم الدول الثلاث، بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصى بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:

* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد.

* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر.

* إخطار دولتي المصبّ بأيّ ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.

–  لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصبّ، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم.

–  الإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق خمسة عشر شهرًا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية.

6- مبدأ بناء الثقة:

–  سيتم إعطاء دول المصبّ الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سدّ النهضة.

7- مبدأ تبادل المعلومات والبيانات:

–  سوف توفّر كلّ من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.

8- مبدأ أمان السد:

–  تقدر الدول الثلاث الجهود التي بذلتها أثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السدّ.

–  سوف تستكمل أثيوبيا، بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية.

9- مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة:

 – سوف تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، ووحدة إقليم الدولة، والمنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.

10- مبدأ التسوية السلمية للمنازعات:

–  تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النيّات. إذا لم تنجح الأطراف في حلّ الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة.

وقع هذا الاتفاق حول إعلان المبادئ في الخرطوم، السودان في23 من شهر مارس ٢٠١٥ بين جمهورية مصر العربية، جمهورية أثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان.

عن جمهورية مصر العربية: عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية

عن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية: هيلاماريام ديسالين، رئيس الوزراء

عن جمهورية السودان: عمر حسن البشير، رئيس الجمهورية   

عبد المولى إسماعيل *


*  باحث فى مجال البيئة والتنمية ،منسق منتدى الحق فى المياه بالمنطقة العربية .

[1] – يحي شوكت، تأثير سياسات وبرامج البنك الدولي على العمران في مصر،مركز معلومات البنك، القاهرة 2013، ص15

[2] http://www.albankaldawli.org/ar/results/2013/04/12/water-sanitation-results-profile

[3] حافظة البنك الدولي، في الفترة من 1961 حتى 2017، تم تجميعها بمعرفة الباحث.

[4] ما بعد ندرة المياه .. الأمن المائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، البنك الدولي، 2017.

[5] – المرجع السابق، صــ5

[6] – المرجع السابق، صــ11

[7] – المرجع السابق، صــ11.

[8] – المرجع السابق، صــ17.

  [9]- ساسة بوست، 30 أبريل 2017.

[10] – د.م  إبراهيم مصطفى كامل ، محاضرة حول سد النهضة بنقابة الصحفيين ، 14أكتوبر 2010 .

[11] ساسة بوست، مرجع سابق.

[12] – د.زكى البحيري ، مصر ومشكلات مياه النيل ، الهيئة العامة للكتاب ، 2016.

[13] – د.م  إبراهيم مصطفى كامل، مرجع سابق .

[14] – د. زكى البحيري، مرجع سابق،  صــ86.

[15] – المصري اليوم، العدد2162،  15 مايو 2010 .

[16] – د.زكى البحيري، مرجع سابق، صــ433

[17] – د. رشدي سعيد، مصر المستقبل ،المياه، الطاقة،الصحراء، دار الهلال، القاهرة ، 2004 ، صــ237 .

[18] – https://www.masress.com/shorouk/418102

[19] – وائل علي، المصري اليوم عدد 20167، 20مايو، 2010.

http://www.qiraatafrican.com/home/new . – 1

21-GRAIN, ODDO Securities, ETC Group,2012.

22-https://aawsat.com/home/article. 

[23] – جريدة المصري اليوم،عدد 20137 ،  20أبريل ، 2010.

[24] – الجريدة الرسمية، عدد 34 مكرر في 17 يونيه 2015.