اليمن.. حين تُهان الخبرة الزراعية وأسطورة الوفرة بالمساعدات الخارجية



 في مايو/ أيار 2024، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من احتمال أن يتفاقم انخفاض مستوى الأمن الغذائي في اليمن إلى مرحلة حرجة خلال الفترة من يونيو/ حزيران إلى سبتمبر/ أيلول من السنة نفسها. البيانات التي أوردها تقرير المنظمة الأممية مفزعة، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى عدم ثبات الأرقام المتعلقة بتدهور الأمن الغذائي في البلاد. إذ يفيد هذا التقرير الفصلي بأن نسبة الأُسر اليمنية التي تعاني عدم كفاية الغذاء، ارتفعت من 43% خلال الربع الأخير من سنة 2023، إلى 49% خلال الربع الأول من سنة 2024، لكن هذه النسبة كانت في الربع الأول من 2023 عند 47%. 

  عَزَتْ المنظمة الأممية هذا التذبذب في مستوى الأمن الغذائي إلى انخفاض المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين وارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً. غير أن الكثير من أسباب انخفاض الأمن الغذائي تكمن في تفاصيل الحرب، تماماً حيث يكمن الشيطان.

  اندلعت الحرب في اليمن على إثر سيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله) على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وفي 26 مارس/ آذار 2015، حشدت المملكة العربية السعودية تحالفاً عسكرياً من عشر دول عربية لمساندة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً. عقد كامل من عُمر اليمنيين قضوه وسط حرب ضروس مازالت تُنذِر بجولات جديدة، خاصة مع استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في تدمير قطاع غزة وإبادة سكانها، ودخول جماعة الحوثيين على خط المواجهة ضد إسرائيل. منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أعلن الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم المحافظات الشمالية من اليمن، أن جميع السفن المرتبطة أو المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية هي أهداف مشروعة لهجماتهم الصاروخية وطائراتهم المسيّرة، وخلال الأشهر الستة الماضية شنوا مئات الهجمات على السفن التجارية، ما أثّر سلباً على سلاسل توريد الغذاء وارتفاع أسعاره(1).

  يعتمد اليمن في تأمين الغذاء على الاستيراد بنسبة تتجاوز 90%. ارتفعت هذه النسبة تدريجياً خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وصولاً إلى اعتمادٍ شبه الكلي على الغذاء المستورد. رحلة التحول هذه صاحبها تغيير جوهري في أصناف الطعام الأساسية في المطبخ اليمني، وانعكس ذلك التغيير سلباً على علاقة الفلاح بأرضه، وبصورة عامة، على علاقة اليمنيين بغالبية أنواع الغذاء المنتج محلياً. 

عندما اندلعت الحرب، كانت الموانئ قد أصبحت مصدر الغذاء الرئيسي بدلاً من الحقول، والآبار الجوفية العميقة مصدر المياه الأول بدلاً من حصاد مياه الأمطار في السدود. 

 يستدعي الحديث عن الزراعة في اليمن ذكر سد مأرب الشهير بكونه أعجوبة هندسية لممالك اليمن القديم: سبأ، وقتبان، ومعين، وحضرموت، وأوسان، وصولاً إلى مملكة حِمْيَر التي توحدت تحت رايتها الممالك الخمس من القرن الأول ق. م إلى القرن السادس الميلادي. تعاونت الممالك اليمنية في بناء سد مأرب في أراضي مملكة سبأ لموقعها الاستراتيجي في استيعاب مساقط مياه المطر من المرتفعات الشمالية والغربية. وتشير إسمهان الجرو في بحثها “النهضة الزراعية في اليمن القديم” إلى أن مساحة مساقط الماء التي كانت تغذي السد بلغت 10 آلاف كيلو متراً مربعاً، بينما بلغت مساحة البحيرة ثمانية كيلومترات مربعة.

  كان الري في اليمن القديم متوافقاً مع مصادر المياه، وهي الأمطار، والسيول، وإلى حدّ ما الآبار. الري بالسيول هو الذي ألهم اليمنيين القدماء فكرة بناء السدود، وترتب على حجز مياه الأمطار الغزيرة تغذية المياه الجوفية، فكانت الينابيع غالباً ما تنبجس من الأراضي المحيطة بالسدود، وتغطّي نقص المياه خلال الأشهر غير المطيرة ومواسم الجفاف. وعلى ضفاف الجداول دائمة الجريان، كانت تُزرع أنواع من المحاصيل الغذائية، ناهيك عمّا تنتجه الوديان الفسيحة. لم يكن سد مأرب وحده السد العملاق في اليمن القديم، فهناك سدود أخرى كانت منتشرة من صعدة- شمال غرب، إلى حضرموت والمهرة شرقاً، وعدن- جنوب غرب، إضافة إلى المرتفعات الوسطى التي اتجه الثقل السياسي نحوها بعد تضاؤل أهمية طريق القوافل البري بسبب منافسة الطريق البحري للتجارة. وبحسب المؤرخ والجغرافي اليمني أبو الحسن الهمداني، الذي عاش بين أواخر القرن الثالث ومنتصف القرن الرابع الهجري، كانت منطقة “يَحْصُب”، القريبة من مدينة ذمار، تضمّ ثمانين سدّاً عملاقاً في ذلك الزمن.

تحفل كتب الإخباريين القدماء عن اليمن بالكثير من أوصاف الوفرة الغذائية الغاربة، ومنها أن المسافر كان ما أن يدخل هذه الأرض حتى تظله الأشجار الكثيفة على امتداد فراسخ، وأنه كان يكفي أن تضع النساء العاملات في جني الثمار أوعية القطاف على رؤوسهن فتمتلئ دون الحاجة إلى رفع أيديهن لهصر الأغصان المثمرة. مع ذلك، وبالرغم من أسطرة تلك الوفرة، احتفظ الفلاح اليمني بخبرة زراعية عريقة تمتد إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة. هذا ما تقوله معرفته التقليدية بطبيعة الأرض وخصوصية المناخ، وهي معرفة متوارثة عبر الأجيال وشديدة الارتباط بحركة النجوم والكواكب والظواهر الطبيعية. تعرّضت هذه المعرفة لانتقاص مستمر منذ ستينيات القرن العشرين، أي بعد ثورتي 26 سبتمبر/ أيلول 1962 في الشمال، و14 أكتوبر/ تشرين الأول 1963 في الجنوب. وعلى مدى العقود اللاحقة جرى النظر، بطريقة أو بأخرى، إلى الخبرة الزراعية التقليدية باعتبارها إحدى مخلفات أزمنة الاستبداد والاستعمار الأجنبي.

بصورة مبالغ فيها، تم الإعلاء من شأن المعرفة الزراعية الحديثة المعتمدة على أبحاث ودراسات خبراء من خارج اليمن، وبخاصة الخبراء الأوروبيين والأمريكيين العاملين غالباً ضمن المنظمات الدولية ذات الصلة بالتطوير الزراعي. عملت المنظمات الدولية على حشد الدعم والمساعدات لليمن، وإلى ما قبل سنة 2014، كانت الحكومة هي القناة الوحيدة لاستقبال أو الإشراف على المساعدات الدولية، وخضعت لشروط المانحين والداعمين، بمن فيهم البنك الدولي

بالتوازي مع مبادرات المنظمات الدولية لدعم التطوير الزراعي، جرى الترويج لفكرة تزايد احتياج الشعب اليمني إلى المساعدات، وأبرزها المساعدات الغذائية. أول شحنة مساعدات غذائية دولية تلقاها شمال اليمن كانت سنة 1957 من الولايات المتحدة الأمريكية، وباستثناء قرابة ثلاث سنوات (1974-1977)، انتظم تدفق المساعدات الغذائية والتنموية من “الدول الصديقة” ليصل ذروته مطلع ثمانينيات القرن العشرين. خلال هذا العقد، لم تحدّ “سياسة الترشيد” التي انتهجتها حكومة اليمن الشمالي ابتداءً من سنة 1984، من تدفق المساعدات الغذائية، وهي سياسة اعتمدت تشجيع الإنتاج المحلي ومنع استيراد بعض الأصناف الغذائية. 

في الجنوب، وبالرغم من صغر المساحة المستصلحة للزراعة مقارنة بالشمال، انتهجت الجمهورية ذات النظام الاشتراكي سياسة توسيع رقعة الأرض الزراعية على إثر القطيعة التي أحاطتها بها الدول العربية والإسلامية، والدول الرأسمالية. شملت تلك السياسة تأميم أراضي كبار الملّاك وإعادة توزيعها على فلاحين من الطبقة العمالية، لكن عدم الاستقرار السياسي والصراع على السلطة بين رفاق الثورة، حالا دون ظهور نتائج مستدامة. وعلى العكس من ذلك، تحول قرار تأميم الأراضي الخاصة إلى مشكلة معقدة بعد الوحدة الاندماجية بين الشطرين الشمالي والجنوبي سنة 1990، وبرزت طبقة من النافذين استولت على مساحات واسعة من الأراضي المؤممة، في حين أعادت سلطات الدولة الموحدة القليل فقط من تلك الأراضي إلى ملّاكها السابقين.

  بالرغم من أن الوحدة اليمنية مثّلت إنجازاً حكومياً ومكسباً شعبياً، فقد اختل توازن الدولة الموحدة بتأثير سلسلة من الحروب كانت أولاها حرب صيف 1994 أو ما تُعرف شعبياً بحرب الوحدة والانفصال. انتهت تلك الحرب التي استمرت سبعين يوماً فقط، بانتصار الشريك الشمالي في الوحدة على الشريك الجنوبي، وما إن وضعت الحرب أوزارها حتى هاجمت إريتريا جزر حُنيش اليمنية في البحر الأحمر سنة 1995. ولأن اليمن كان خارجاً للتو من حرب أهلية، لجأ إلى التحكيم الدولي، لكن التأثير الاقتصادي لتلك القضية ألقى بظلاله على قطاع صيد الأسماك لمدة ثلاث سنوات.

  عملياً، دخلت الدولة في حالة مواجهة مستمرة مع تنظيم القاعدة أواخر تسعينيات القرن العشرين مع ظهور “جيش عدن- أبْيَن” الإسلامي. ومنذ سنة 2004 إلى 2010، خاضت ست حروب ضد تمرد جماعة الحوثيين في محافظة صعدة- أقصى الشمال الغربي، وبالتزامن مع هذا الوضع الملتهب تشكّل الحراك الجنوبي سنة 2007، ضد اختلال مسار الوحدة واستحواذ قلة من النافذين في السلطة على الأراضي والاستثمارات في محافظات الجنوب. في 2011، اندلعت الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح في الشمال والجنوب ضمن ثورات “الربيع العربي”، وبالرغم من أن البلاد نجت من اندلاع حرب شاملة على غرار ما حدث في سوريا وليبيا، اتّضح بعد ثلاث سنوات أن ما كان يبدو نجاةً من الحرب لم يكن في الحقيقة سوى تأجيلا لها. 

  في خضم هذه السلسلة الملتهبة، انخفض إنتاج الحبوب والمحاصيل الغذائية، وارتفعت أسعار الغذاء بسبب ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة، وتدهور سعر العملة الوطنية أمام العملة الصعبة اللازمة لاستيراد المواد الغذائية. وبعد ما يقارب سبع سنوات من الحرب الشاملة، ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلال شديدة القتامة على الأمن الغذائي(2) في بلد أصبح القمح في رأس قائمته الغذائية بدلاً من الحبوب التي كان يزرعها فلاحوه بوفرة، وأصبح اعتماده على المساعدات الخارجية أكثر مأساوية من ظروف الحرب.

يُجمع غالبية المراقبين والنشطاء في اليمن على أن البداية الفعلية للحرب الممتدة إلى اليوم، كانت في اليوم الذي انقلبت فيه جماعة الحوثيين (أنصار الله) على السلطة، أي في سبتمبر/ أيلول 2014. ومع بدء التدخل العسكري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على رأس “التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية”، انتشرت الحرب كالنار في الهشيم، واكتوت بها كل أسرة في البلاد منذ الأسبوع الأول. تلاشت معروضات السلع الغذائية من واجهات المحلات التجارية وارتفعت أسعارها إلى الضعف، وبخاصة القمح وزيت الطبخ الذي لجأ إليه الناس كبديل لوقود الديزل من أجل تشغيل مضخات نزع المياه ومولدات الكهرباء وبعض وسائل النقل.

  كانت المنظمات الأممية والدولية تقدم المساعدات الغذائية لليمنيين منذ ما قبل الحرب في سياق دراساتها ومسوحاتها الميدانية للاحتياجات الإنسانية في البلد المبتلى بالقلاقل والأزمات السياسية والاقتصادية. بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، كان عدد المحتاجين للمساعدات سنة 2014، أكثر من 14 مليون نسمة. في مارس/ آذار 2017، وفي ما يشبه التمهيد لتصنيف الأزمة الإنسانية في اليمن، أعلن ستيفن أوبراين، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق عمليات الإغاثة العاجلة، أن العالم يواجه “أسوأ أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”. كان أوبراين يتحدث في مجلس الأمن عن وجود نحو 20 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة في كل من الصومال وجنوب السودان ونيجيريا واليمن، وهي البلدان التي كان زارها مطلع الشهر نفسه، داعياً المجموعة الدولية إلى تأمين 4.4 مليارات دولار “لتجنب وقوع كارثة”. في السنة التالية صنّفت الأمم المتحدة الوضع في اليمن باعتباره “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

  في الواقع، بدأت تحذيرات المنظمات الأممية والدولية من المجاعة في اليمن منذ السنة الثانية من الحرب. وبين العامين 2021 و2022، صُنف اليمن من قبل شبكة معلومات الأمن الغذائي (FSIN) ضمن 45 بلداً تواجه حالة انعدام الأمن الغذائي من المرحلة الثالثة فما فوق (IPC/CH). كما صُنف في المرتبة الثالثة، بعد نيجيريا والصومال، في قائمة سبعة بلدان تجاوز فيها عدد الأشخاص المضافين إلى حالة انعدام الأمن الغذائي المليون نسمة خلال الفترة نفسها. أشار التقرير إلى أن نسبة انعدام الغذائي في اليمن بلغت 60% في منتصف 2022 بزيادة 2.9 مليون نسمة عن السنة السابقة. وفي سبتمبر/ أيلول، أفاد تقرير آخر لبرنامج الغذاء العالمي بأن عدد من يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي بلغ 19 مليون نسمة، منهم 161 ألف شخص يعيشون في ظروف أشبه بالمجاعة.

  الملاحظ على المنظمات الأممية والدولية العاملة في الإغاثة الإنسانية في اليمن أنها غالباً ما تقرن تحذيراتها من خطر المجاعة في البلاد، بدعواتها الملحة للمانحين الدوليين إلى تقديم الدعم المالي لتمويل برامجها الإغاثية. وفي تقاريرها عن تقييم الوضع الإنساني، غالباً ما تركز على أعداد المستفيدين من برامجها أكثر من تركيزها على الأثر طويل المدى للمساعدات في واقع حياة الناس. كما أن الأرقام الواردة في تقاريرها تنطوي على اختلالات منهجية وإحصائية فادحة. 

  إضافة إلى المنظمات الأممية، تعمل عشرات المنظمات الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في جميع المحافظات، وتتعاقد هذه المنظمات مع منظمات محلية لتوزيع المساعدات بطريقة أشبه بالمقاولات. وعلاوة على ذلك، يفيد بعض العاملين الميدانيين في إيصال المساعدات إلى المستفيدين بأن تكاليف النقل تساوي أحياناً القيمة المالية للمساعدات وقد تزيد في بعض الحالات، سيما في المناطق النائية ذات الطرقات الجبلية الوعرة. كما تواجه المنظمات عراقيل من قبل سلطات الأمر الواقع التي تشترط توزيع المساعدات عبرها أو تفرض مشرفين من طرفها على التوزيع وتحديد أسماء المستفيدين.

مع استمرار هذه العراقيل، لجأت المنظمات الأممية إلى إصدار بيانات صحفية عن خلافاتها مع السلطات ومنعها من توزيع المساعدات في بعض المناطق، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين (أنصار الله). وفي مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً تعرض موظفو الإغاثة الأممية لاعتداءات وصلت في بعض الحالات إلى القتل.

بالنظر إلى ظروف الحرب والأوضاع المعيشية المزرية للمواطنين، لا يمكن التقليل من أهمية دور المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الغذاء، في تخفيف معاناة السكان، غير أن استمرار تقديمها ولّد نزعة اتّكالية لدى المستفيدين على المواد الغذائية المقدمة من المنظمات، وهي بطبيعة الحال مواد مستوردة وتقتصر على كميات محدودة من دقيق القمح، زيت الطبخ، السكر، وبعض البقوليات كالعدس والفاصوليا. في هذه الحال، إذا كان للمساعدات الإنسانية تأثير سلبي على السيادة الوطنية للدول، فإن تأثيرها العملي على المستفيدين منها مدمّر. كثير من المزارعين هجروا حقولهم لأسباب من بينها الاتّكال على الغذاء المقدم كل شهر أو شهرين من المنظمات، ومع تزايد هذه الظاهرة بدأ بعض النشطاء المدنيين ينتقدون تعزيز الاتكال على المساعدات، كما وجهوا اتهامات بالفساد لكثير من المنظمات التي تكشفت في أدائها ممارسات تدعم اتهامها بالفساد.

  نتيجة لذلك، اتجهت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) والبنك الدولي نحو دعم استئناف الإنتاج الزراعي، من خلال مشروع يقتصر على “صغار المزارعين” وخُصّص لأنشطة زراعية “صغيرة النطاق” في سبع محافظات من أصل 21 محافظة. يتلقى المزارعون المستهدفون بالدعم البالغ 36 مليون دولار، إرشادات من موظفي المنظمتين، وهم غالباً شبان حديثو التخرج من كليات الزراعة أو من دورات تدريبية لغرض أداء مهامهم في المشروع. بطريقة أو بأخرى، وبصرف النظر عن جدواها المحدودة للغاية، تبدو مثل هذه المشاريع إهانة للخبرة الزراعية العريقة لشعب تفيد الاكتشافات الأثرية لحياة أسلافه بأنه من أوائل الشعوب التي أنتجت الغذاء وابتكرت أنظمة ريّ خاصة بها.

لطف الصَّرَاري -اليمن

المقال أعلاه مأخوذ من مجلة سيادة – العدد الخامس: “الحرب والسيادة الغذائية في المنطقة العربية“. يمكنكم\ن الاطلاع على العدد وتحميله من: الرابط

1- تفاقمت الوضعية مع حرب روسيا على أوكرانيا التي أدت إلى عرقلة الإمدادات العالمية من الحبوب وغيرها من المنتجات الزراعية الرئيسية، خصوصا أن اليمن مرتبط بالبلدين أيما ارتباط: “في عام 2021، استوردت اليمن %44 من القمح الذي تستهلكه من روسيا (%24) وأوكرانيا (%20)”. [20- 12- 2022،  سيكندرا كردي، وأوليفييه إيكر، وجوزيف جلوبر، وديفيد لابورد، https://tinyurl.com/5emmtmkf].

2 – ” خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، انخفضت واردات القمح من ثلاثة من أكبر أربع دول تُصدر القمح إلى اليمن (أستراليا وأوكرانيا والولايات المتحدة) بنسبة 12 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2021، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى انخفاض حجم الصادرات من أوكرانيا (رسم توضيحي 1)، بينما توقفت روسيا، رابع أكبر دولة مصدرة للقمح حتى عام 2021، عن الإبلاغ عن بيانات التجارة في فبراير/شباط 2022، لذا لا يمكن التأكد مما إذا كانت روسيا قد صدرت بالفعل أي قمح إلى اليمن منذ بداية حربها مع أوكرانيا أم لا”. [المرجع ذاته].