الوضع المائي في تونس خطير للغاية، إذ تعرف البلاد تفاوتات جهوية ولا عدالة مائية، فاقمتها حدة أزمة الجفاف، الذي يضرب البلد. حاور موقع سيادة، السيد علاء مرزوقي منسق المرصد التونسي للمياه الذي قدم لنا معطيات ميدانية ملموسة حول الوضع المائي في تونس.
فيما يلي نقدم لقرائنا الأعزاء نص الحوار:
نود في البداية أن تعرفنا بالمرصد التونسي للمياه ؟ و ماهي منهجية وأدوات عمله؟
المرصد التونسي للمياه هو مشروع تم اطلاقه يوم 22 مارس 2016 بمناسبة اليوم العالمي للمياه من طرف جمعية نوماد 08 و هو يهدف للدفاع عن الحق في الما ء و القيام بعديد الدراسات و حملات المناصرة التي تعنى بهذه القضية.
و في هذا الاطار تم اطلاق تطبيقه www.watchwater.tn سنة 2016 وهي منصة للتبليغ عن الانقطاعات و التسربات و الحركات الاحتجاجية ذات الصلة بقضية الحق في الماء. المواطنون او الصحافيين او المتطوعون يقومن بتبليغ المرصد التونسي للمياه عن هذه الإشكاليات و يتم بذلك إدخالها في المنصة و تقديمها في شكل جداول او خرائط مواطنية تعتمد على البرمجيات الحرة وتم تسميتها من قبل المرصد التونسي للمياه ب “خارطة العطش“.
و بعد قرابة سنتين من الرصد تم اكتشاف وجود تفاوت جهوي و لا عدالة مائية في تونس ووجود عديد الانتهاكات التي تبينها الخارطة ، فالجهات الداخلية المهمشة منذ عقود و منذ الاستعمار لا تزال الى اليوم تعاني نفس الإشكاليات تمت عطش و تهميش نفسره بتردي وضعها التنموية و اللاعدالة المائية في هذه المناطق المائية.
كما قمنا في المرصد التونسي للمياه منذ نشأته بتكوين اكثر من 100 راصد من الراصدين المحليين و الجهويين يقومون بمتابعة الاشكاليات و يشكلون نقطة ربط بين التحركات الاجتماعية و الإشكاليات الميدانية و المرصد التونسي للمياه و بهدف التدخل لدى السلط المحلية و الجهوية.

وقد تلقى الراصدين تكوين تقني في ما يتعلق بالمياه من كيفية التصرف في المواد الغذائية وواقع المياه في تونس و تكوين في آليات الحماية القانونية لنشطاء الحراك المائي.
ووعي منا بأهمية الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في التحسيس بقضية الحق في الماء و في الدفاع عن المتتبعين امنيا و قضائيا بسبب نشاطهم المدني في الدفاع عن الحق في الماء. ارتأى المرصد التونسي للمياه التركيز على الحملات التحسيسية و التوعوية و تكثيفها وكذلك الدفاع عن الموقوفين و الملاحقين امنيا، و يتم اعتماد موقع الويب و منصات التواصل الاجتماعي التي تم اعتمادها حتى في فترة جائحة كورونا في بداية السنة عبر عقد ندوات افتراضية لمزيد التحسيس و التعبئة و لتسليط الضوء على قضية المياه التي تم نسيانها في خضم الوباء العالمي ، لكن ايمانا منا ان هذه الوسائل و البرمجيات الحرة قادرة ان تكون وسيلة للدفاع عن هذه الحقوق و خاصة الحق في المياه.
كما كان للمرصد عديد الدراسات حول التنمية و المياه بالحوض المنجمي ودراسات حول الاطار التشريعي و المؤسساتي للمياه في تونس و قراءة نقدية لقانون المياه في تونس و صياغة مقترح مشروع قانون تم تقديمه للبرلمان التونسي بخصوص قانون المياه و بصياغة عديد الورقات و المذكرات التوجيهية المتعلقة بقطاع المياه.

عموما فان نشاط المرصد التونسي للمياه متنوع من الميداني الى التوثيقي و التصويري و الاعتماد على السينما و الثقافة و التكنولوجيا كوسائل للدفاع عن القضية وكذلك الاكاديمي و الدراسات العلمية التي تقترح بدائل و حلول لمشاكل المياه في تونس.
تعرف تونس كما المغرب أزمة عطش حقيقية، وهي نتاج عاملين أساسيين هما: الجفاف و استنزاف الموارد المائية من طرف الفلاحة التصديرية و الصناعة. ما هي الوضعية المائية اليوم في تونس ( في المدن والقرى)؟
الوضع المائي في تونس صعب منذ سنوات إضافة الى ازمة الجفاف التي يعيشها البلد و التخبط في القرارات الذي يعيشه المسؤولين على قطاع المياه في تونس و غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة وكذلك التبعية المالية لشركة توزيع المياه او الوزارة المشرفة، كي لا نقول ان الدولة التونسية في تبعية مفرطة للجهات المانحة التي اغرقتنا في القروض و جعلتنا لا نعتمد على خيارتنا السيادية الضامنة لحقوق الاجيال القادمة و الاجيال الحالية في الماء. لكن الخيارات التي تم اعتمادها حاليا بإسناد من الجهات المانحة تراعي مصالح رأس المال او الشركات متعددة الجنسية.
عموما الوضعية في جل المدن التونسية اصبحت لا تختلف كثيرا عن وضعية الارياف التي تعاني منذ الازل من غياب الماء الصالح للشراب حتى ولو بعد انشاء ما يسمى بالجمعيات المائية منذ عقود ظنا من اصحاب هذا الخيار في ذلك الوقت انها قادرة على ان تحل الازمة وان تروي عطش لكن غياب نص قانوني ينظم هاته الجمعيات وعدم التأطير من وزارة الاشراف و هي وزارة الفلاحة و الموارد المائية حال دون ذلك جعلنا نعيش ازمة كبيره في الأرياف و هذا لا يختلف عن الوضعية في المدينة التي تعاني منذ سنوات انقطاعات طويله المدى على امتداد عشرات الايام دون سابق اعلام وذلك بسبب اعطاب تتكاثر في الفترة الأخير و أسبابها باتت معروفة و هي اهتراء شبكات المياه التي تجاوزت عمرها الافتراضي و احتوائها على مواد محرمة دوليا و التي يتم اعتمادها الى حدود اليوم رغم مخاطرها الصحية .

عموما اهم إشكاليات قطاع المياه في تونس بين المدن تتمثل في غياب العدالة في توزيع المياه ،نلاحظ ان خزانات تونس للمياه و هي جهات الشمال الغربي التي تحتوي على عديد السدود المائية و على الخزان المائي لتونس بنسبة تفوق 70% من الموارد المائية و هي رغم ذلك اكثر مناطق معطشة بسبب السياسة المعتمدة منذ عقود و هي تحويل مياه من المناطق الشمالية الى المناطق الساحلية و الوسطى.Haut du formulaireBas du formulaire
هل من دور للشركات التي تدبر تسيير الخدمات العمومية في أزمة المياه؟ وكيف ذلك؟
توزيع المياه في تونس يختلف بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية في المدن يعتمد التوزيع على الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه “SONEDE“ وفي مناطق الريفية يعتمد التوزيع على الجمعيات المائية و هي تحت اشراف وزارة الفلاحة و عددها يتجاوز ال 1300 جمعية.
الوضعية في المدن الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه هي تحت اشراف وزارة الفلاحة لكن عدم استقلاليتها وتبعيتها للوزارة هو اصل الاشكال. باعتبار الوزارة تعد اكبر مستهلك للمياه حيث ان 80% من الموارد المائية موجهة للفلاحة بالأساس و يعتمد على المناطق السقوية العمومية وهذه المناطق الواقعة تحت اشراف وزارة الفلاحة. تعاني من نسب كبيره من الضياع تصل الى 50% في بعض شبكات التابعة لها.
وهذا يطرح نقاط استفهام حول عدم التفكير في بديل للوزارة او انشاء وزاره مياه مستقلة ومحايدة تتعامل. مع جميع المتدخلين في قطاع المياه بطريقة افقية وتحاسب كل من ساهم في تبذير الثروة المائية في تونس و من بينهم وزارة الفلاحة.
هذا اصل الاشكال بالنسبة لشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه التي تعاني من ضعف الموارد وعدم الاستقلالية و الضغط المتواصل من طرف وزارة الفلاحة التي تفرض عليها عدة مشاريع لا خيار للشركة و لا للمسؤولين بالشركة فيها كمحطات تحلية مياه البحر و انشاء السدود اذ لا خيار لها إلا ان تكون تابعة للوزارة و توافق فقط.
لكن بعد انشاء المشاريع و الحصول على قروض يتم تسديدها على عشرات السنين تتكفل الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه بسدادها رغم انه لا دور لها في اختيارها. وهي قروض لا تخدم ولا تحل الاشكاليات الحقيقية. وهي موجهة بالأساس الى كبار الفلاحين والمناطق السياحية كمحطة تحلية المياه البحر التي تم انشائها بجزيرة “جربة” التي لن تساهم في محاربة العطش لكنها ستساهم في تأمين المياه الصالحة للشرب في المنتجعات السياحية الكبرى و هذا اصل الاشكال بالنسبة للشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه في علاقة بوزارة الفلاحة وتوزيع المياه في المناطق الحضرية.
اما الجمعية المائية التي تزود المناطق الريفية والتي تعاني من تفاقم نسب المديونية ومن اهتراء الشبكة وضعف تأطير المسؤولين عنها. والتنافس الشديد بين مستعملي الماء للشرب و مستعمليه لري نظرا لاعتماد هذه المناطق الريفية على الزراعة.
هذا و في اطار تخلي الدولة عن دورها التعديلي لهذه الجمعيات المائية وتركها لها تتخبط في المديونية والإشكاليات التقنية والنزاعات بينها وبين مستعملين المياه ومسدي الخدمات من شركات الكهرباء وغيره دون ان تتدخل وهذا ما يساهم في تعميق ازمه العطش و الضحية في هذا هو المواطن التونسي المعطش.
شهدت تونس بعض الاحتجاجات السكانية حول الانقطاعات المتواصلة للماء الصالح للشرب، في تطاوين وصفاقس و جندوبة، كذلك كان هناك استنكار كبير لانقطاع الماء يوم عيد الاضحى، ما هو تقييمكم في المرصد لهذه الاحتجاجات الشعبية ؟ وهل يمكن اعتبارها مقدمة لانتفاضات العطش في الأمد المنظور ؟
سوء خدمات المياه في تونس سواء في المناطق الحضرية او الريفية لم يزد إلا من احتقان الوضع، نحن في تونس نعيش منذ عشر سنوات احتقان اجتماعي كبير و شامل لجميع المجالات لا في مجال المياه فقط ، ولكن الان تتصدر الاحتجاجات بسبب انقطاع المياه او غيابها او تلوثها، المشهد الاجتماعي في تونس وتتصدر عدد الحركات اليومية في البلاد . حيث شهدنا في شهر اوت من سنه 2020 حوالي 223 تحرك احتجاجي في كامل تراب الجمهورية بالرغم من القيود المفروضة على كل من يتحرك او يحتج بسبب الحظر الصحي المتعلق بأزمة الكورونا.

التحركات الاحتجاجية المتعلقة بالمياه كانت عديدة و متنوعة وقد كان دورنا في المرصد التونسي للمياه منذ سنوات فهم هذه الظواهر الاحتجاجات في من اجل الحق في المياه، حيث نجد عدة أنواع من التحركات الاحتجاجية :فهناك من يطالب بحقه نظرا لغياب ربط شبكة مياه و لا وجود لنقطة مياه للشرب و هنالك من يحتج على انقطاع المياه رغم وجود ربط شركه توزيع المياه العمومية و هي انقطاعات دون سابق اعلام تدوم ما بين ساعات الى اشهر بعدة مناطق كمناطق الجنوب وغيرها التي تصدرت المشهد في عدد الانقطاعات.
لم يكشف الستار على مسألة الانقطاعات المتكررة للمياه من قبل الاعلام او المجتمع المدني كما هو الامر اليوم حيث أصبحت تحظى باهتمام الجميع من صحافة و مجتمع مدني مهتم بالمسألة و تراقب عن كثب كل انقطاع و تحرك احتجاجي متعلق بالمياه.

بالنسبة للمرصد التونسي للمياه يتجاوز سنويا 1000 و هي تبليغات متنوعة ، حيث شهدنا مثلا في سنة 2016 محاكمات العطش بسبب هذه الاحتجاجات و لازالت متواصلة الى اليوم حيث في سنة 2020 شهدنا هجمة شرسة من السلطة ضد كل من يحتج من اجل الحق في المياه و لنا احسن مثال في حراك منطقة الهوايدية من الشمال الغربي من اجل المطالبة بحقهم في الماء والذي تم تلويثه من طرف صاحب مقطع شركة استخراجية ، و احتجاجات في جهة القيروان الذين تتم هرسلتهم ومحاكمتهم يوميا و منذ ايام في جهة سبيطلة من ولاية القصرين وقعت ايقافات بالجملة لمحتجين طالبوا بحقهم في الماء الصالح للشراب في منطقة سكنية، المعهد والمستشفى والمدرسة بدون ماء و لما احتجوا قامت السلطة بترويعهم و تخويفهم و تدخلوا ضدهم .
و قد تابع المرصد التونسي للمياه التطور الذي شهدته الاحتجاجات في تونس منذ سنوات حيث كانت مناسباتية مرتبطة اساسا بانقطاع وقتي الى المياه لمدة ساعات و ايام، يخرج بعض الاشخاص يحتجون امام مقر الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه او مقر من مقرات السلطة عموما للتعبير عن غضبهم. لكن منذ سنتين تقريبا تطورت اشكال هذه الاحتجاجات حيث اصبحت اكثر وعيا بوضعية المياه في تونس وبالمسؤول عن هذا الاشكال اذ انه اصبح لدى الرأي العام في تونس وعي اكبر بقضية المياه و معرفة ودراية بمن المتسبب في ازمة المياه في تونس و على يقين ان الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه ليست الوحيدة المتسببة في ازمة العطش ولا خيار لديها ولا واستقلالية لديها في رسم مخططاتها و ميزانيتها لذا المواطن اصبح يحتج بأكثر حدة و تصعيد امام المقرات السيادية اكثر من شركة توزيع المياه فقد قاموا بقطع الطرقات و مروا الى الاغلاق مقرات السدود و بإغلاق شبكات تحويل المياه الكبرى في عديد المناطق.
وجوبه هذا الاحتجاج بالملاحقات الامنية لكن كذلك يشهد الحراك المائي في تونس الاسناد من المناضلين من منظمات المجتمع المدني في تونس اللذين كانوا دائما يتجندون للدفاع عن المحتجين و كذلك لدينا عدد المحامين الذين رافقونا ويتدخلون للدفاع عن كل من تمت ملاحقته امنيا بسبب الاحتجاج من اجل حقه في الماء.
عموما اصبح الحراك المائي الشعبي اكثر وعيا، تمكن من قضيته و اعتمد في ذلك عدة أساليب منها القضائي، معتمدا في ذلك على نصوص قانونية ودستورية من اجل حقه في الماء و ثرواته الطبيعية منها القضايا التي رفعت في الحوض المنجمي و في شمال غربي و في احواز العاصمة حراك جديد يسمى حراك المرناقية من اجل الحق في الماء .
عموما نلاحظ مؤخرا نضجا في الحراك المائي في تونس و يمكن اعتبارها مقدمة انتفاضة العطش في تونس التي كانت منذ سنوات ولكن لم تلق الاسناد اللازم، كانت هناك اشارات في عديد السنوات الفارطة من عدة جهات التي هي في قطيعة مع مناضلين من حركات اسناد الحركات اجتماعية او من المجتمع المدني.
هناك إشارات لانتفاضات العطش و التي نشهدها حاليا منها مدن كاملة تحركت من اجل الحق في الماء وقد امتدت لأسابيع على سبيل المثال في احواز تونس العاصمة ايام عيد الاضحى الاخير وما وقع في جهة المرناقية اكبر دليل.
ان المرصد التونسي للمياه و مساندي الحركات الاجتماعية. نأمل و نسعى على ان تحظى هذه الحركات بأكثر اسناد و تدعيم قدرات من الجانب القضائي و القانوني و كذلك نأمل في مزيد من الدعم من قبل المحامين للدفاع عن المطالبين بحقهم في الماء المعرضين للملاحقات الامنية وغيره.
كيف ترون تدخل الدولة التونسية لتجاوز معضلة استنزاف الفرشاة المائية وكارثة العطش الذي بدأت نذرها تلوح في الأفق؟
الدولة التونسية وعلاقتها بالمياه بالنسبة لنا نعتقد انه هناك اشكال مفاهيمي في علاقة بالمياه حيث ان الدولة او المسئولين عنها حاليا في تونس، لا يعتقدون ان الماء هو حق أساسي كوني كباقي الحقوق بل يمكن ان نقول انه حق سابق لجميع الحقوق الكونية لأنه بدون ماء لا يمكن حديث عن صحة و لا تعليم او اي حق من الحقوق الأخرى.
لا يمكن ان نعتقد ان مسؤولي دولة يتكالبون من اجل خوصصة او سلعنة المياه من خلال عديد القوانين المعروضة حاليا او المشاريع المنادية بإدخال القطاع الخاص في التصرف في المياه في تونس و يشجعون على الفلاحات التصديرية المستنزفة للمياه دون منفعة تذكر للشعب التونسي او للمواطن الذي يعاني من العطش لا يمكن اعتبارها دوله قادرة على تحقيق الأمن المائي او السيادة في تونس اذا لا امل لنا في من يحكم الان ان يكون قادر على إيجاد حلول لازمة العطش في البلاد.
ما هي البدائل التي يقدمها المرصد أمام أزمة المياه في تونس؟
بالنسبة للمرصد التونسي للمياه وبعد عديد مراحل تشخيص الوضع في تونس و بعد انغماسه وقربه و ومتابعته للحراك الميداني المطالب بحقه في المياه بعد فهم حقيقة المياه في تونس من خلال الدراسات الميدانية التي قمنا بها وخصوصا عندما نرى الحملات الكبيرة التي يقودها لوبيات الماء في تونس من اجل خوصصته و سلعنته. لا نرى بديلا إلا من خلال النقاط التالية:
اولا نحن نطالب ولا زلنا بتركيز هيكل مستقل ذو طابع سيادي للتصرف في المياه في كل مراحله و بكل اشكاله. أي هيكل يشرف على وزارة الفلاحة وعلى جميع المتداخلين في قطاع المياه ، هو الذي يحاسب هو الذي يخطط و يقوم برسم السياسات والاستراتيجيات و يكون مستقلا عن وزارة الفلاحة و عن لوبيات المياه في تونس.
كذلك نطالب في اطار تفعيل الحق في الماء من خلال تأمين كمية مجانية للمياه لجميع سكان تونس أي تكون كمية حياتية والتي لا تتجاوز 50 لتر في اليوم تقريبا و التي تعد تفعيل مبدأ الحق في الماء.
كذلك المطالبة بتصفية الجمعيات المائية وتركيز شركة وطنية لتوزيع المياه بالمناطق الريفية، تضمن صيانة الشبكات و تراعي الوضعية الاجتماعية لمن لا يقدر على خلاص الفواتير و لا تتعسف في تسعيره .
وجوب التمسك بمقتضيات الفصل 13 بالدستور التونسي الذي يقر بملكية الشعب لثرواته الطبيعية لذا يجب تفعليه لحماية المياه من اشكال خوصصته وكذلك الفصل 44 من الدستور الذي يضمن الحق في الماء.
كذلك طالبنا و لا زلنا نطالب في عدة مناسبات بتحديد الاولويات في قطاع المياه في اطار منوال تنميه موجه لتحديد السيادة الغذائية خصوصا في ما يتعلق خياراتنا في مجال الزراعة الموجهة للتصدير المستنزفة للمياه لذا يجب علينا ان نضع هدف اسمى و هو تحقيق السيادة الغذائية في تصرفنا في الموارد المائية.
كذلك طالبنا و خاصة في مشروع مجلة المياه الوطنية التي قدمناها وهي معروضة على البرلمان حاليا بتطبيق مبدأ العهدة على الملوث ،اذ نعيش في تونس اشكال كبير متعلق بتلوث المياه هذا بخلاف ندرة الموارد لدينا تلويث كبير للمياه من طرف الشركات الصناعية وغيرها المنتجعات السياحية والتي لا رقيب ولا حسيب لها .حيث طالبنا تسليط خطايا مالية كبيرة و ومبدأ العهدة على الملوث الذي يتحمل المسؤولية الكاملة في احداثه من ضرر للموارد المائية و خاصة غير المتجددة منها.
نطالب و نطمح الى ارساء ثقافة مواطنيه ثقافة مائية شعبية تعتمد على التوجيه والتربية والتعليم الشعبي الشامل .
وكما نتحدث عن العقوبات حيث نحن في المرصد التونسي للمياه لسنا من دعاة تكثيف العقوبات وهي ليست غاية في حد ذاتها العقوبات حول التعدي على المياه غيره نطالب اساسا بمعاقبة كل من سولت له نفسه ان يعتدي على قطره ماء في هذا البلد.
كلمة أخيرة
اعتقد ان المشوار لا زال طويل في معركتنا من اجل ضمان الحق في الماء لأي كائن حي لا لإنسان فقط معركتنا لا زالت متواصلة ضد مافيات الماء تونس. و يجب توحيد الجهود وهذا ما نطمح له لتكون الحركات اكثر تشبيك لاستخلاص العبر و لتوحيد جهودها لان العدو واحد و هو لوبي خوصصة المياه الذي لا يستند إلا على معيار الربح والمال السلعنة.
لكن بالنسبة لنا كأفراد تؤمن بالحقوق و ان الماء ملك للشعب ستسعى للتوحيد الصفوف في معركتنا كما أتوجه بالنداء الى كافة مناضلي الحراك المائي او البيئي او غيره بان يساندوا نضالات شعبنا في عديد المناطق المعطشة الذين يعانون من الملاحقات البوليسية و الامنية اذ تعد محطة يجب فيها على كل نفس حر في تونس او في غيرها ان يقف في صف المقهورين المعرضين للقمع في كل شبر من تراب البلد.
الصورة: بعدسة المرصد التونسي للمياه