«ماشية شريرة»: من يحدد النظام الغذائي «المثالي»؟



هذا النص هو جزء محرر من كتاب الماشية والمناخ وسياسات الموارد الصادر عن المعهد العابر للقوميات (TNI) وشبكة سيادة.

هل تُحْدِث الماشية تغيّرًا في المناخ؟ الإجابة المختصرة عن هذا السؤال هي: نعم. تنتج المجترّات على وجه الخصوص (الأبقار والأغنام والماعز وما إلى ذلك) كميات كبيرة من الميثان من خلال الهضم. لكنَّ علينا أن نسأل: أيّ ماشية، وأين؟ كثيرًا ما تُصوَّر الماشية على أنّها الشرّير الذي يقف وراء تغيّر المناخ، مع تصوير الأبقار كأنّها تعادل السيارات، ولحمها يعادل الفحم، من حيث التأثير في المناخ. لكنّ هذا إفراط فادح في التبسيط يقود بعيدًا عن الحلول المناخية التي تحمي حقوق الرعاة والجماعات التي تعتمد عليهم ومصادر رزقهم.

إن السردية المبسطة والمعمَّمة حول الماشية والمنتجات الحيوانية مضلّلة وخطيرة. وهي لا تفرّق بين نظم الماشية ذات التأثيرات الكبرى وتلك التي تأثيراتها قليلة نسبيًا.

يتزايد، عالميًا، شيوع الحجج المبسّطة التي تدعو إلى وقف إنتاج الماشية في جميع أشكاله أو الحدّ منه كثيرًا. تكرِّر هذا الموقف، بفروق طفيفة غالبًا، كلٌّ من التقارير الإعلامية وبيانات الحملات ووثائق السياسة. ويصطفّ قطاع الأعمال ومنظمات الحماية والبيئة، إلى جانب بعض الحكومات والناشطين، وراء نموذج ضيّق لحلول المناخ التكنولوجية المتضافرة مع «استعادة البرّية» وحماية الطبيعة. وهذا التجمّع آخذٌ بمواجهة قوة الضغط الهائلة لصناعتي اللحوم والأغذية اللتين شكّلتا نظامنا الغذائي وأثّرتا على السياسات لعقود. ووسط ذلك، لا تلقى أصوات صغار صيادي الأسماك والفلاحين والرعاة آذانًا صاغية.

إن السردية المبسطة والمعمَّمة حول الماشية والمنتجات الحيوانية مضلّلة وخطيرة. وهي لا تفرّق بين نظم الماشية ذات التأثيرات الكبرى وتلك التي تأثيراتها قليلة نسبيًا. ولا تعالج مسائل العدالة المناخية. ولا تأبه بالذين يعيشون في أو مع أو من المناطق المخصّصة لمشاريع «استعادة البرية» التي تركّز على نزع الكربون. ولا تأخذ بالحسبان حقيقة أنَّ المنتجات الحيوانية بالغة الضرورة في تغذية الجماعات الفقيرة حول العالم، في تلك الأماكن التي لا مجال فيها لإنتاج المحاصيل.

صحيحٌ أنَّ الحدّ من الأغذية حيوانيةِ المصدر هو أمرٌ ضروري بالفعل، في أجزاء كثيرة من العالم، لتحسين النُّظم الغذائية والصحّة. وصحيحٌ أنَّ الحدّ من تربية الماشية الصناعية هو أولوية قصوى، لأسباب تتعلق بالمناخ والبيئة ورفاه الحيوان. لكنَّ إنتاج المزارع الصناعية المكثّف والمحصور، يختلف أشدّ الاختلاف عن النُّظم الموسّعة أو الرعوية. وجمعهما معًا في سردية واحدة ضد الماشية إمّا يتيح للمنتجين الصناعيين الاختباء وراء نظم حميدة للإنتاج، أو يجبر الرعاة المهمَّشين على تحمّل تكاليف الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون، بصرف النظر عن عدم مساهمتهم بأيّ شيء تقريبًا في تغيّر المناخ.

لذا، يتطلب إيجاد حلول مناخية عادلة فهمًا أفضل لتنوع الإنتاج الحيواني، ودعوات للتغيير أشدّ عناية ودقّة.

أي ماشية وأي انبعاثات؟

حدّد تقرير حديث العهد بعنوان «هل الماشية ضارّة بالكوكب على الدوام؟» عددًا من الافتراضات والثغرات في البيانات المتعلقة بالماشية وتغيّر المناخ. ذلك أنّ التقييمات العالمية لتأثير الماشية -المستندة في العادة إلى «تقييمات دورة الحياة»، والمصمَّمة في الأصل لتقييم نُظم صناعية مغلقة- تقوم إلى أبعد الحدود على بياناتٍ مستمَدّة من نظمٍ مكثّفة في بلدان غنية. لكنَّ مكان إنتاج اللحوم وكيفيته يمكن أن يشكّلا فارقًا ضخمًا. أمّا البيانات المستمَدّة من المناطق الرعوية الرئيسة، فهي ناقصة التمثيل في كثير من الدراسات العالمية، ما يجعل هذه التقديرات مُضَلِّلةً.

فمثلًا، تظهر الدراسات التي تقيس غاز الميثان الذي تنتجه الحيوانات التي ترعى في المراعي في كينيا انبعاثاتٍ أقلّ بكثير مما تفترضه النماذج المعيارية المستخدمة في القياسات العالمية. ولذلك تبالغ التقارير الصادرة عن كثير من المنظمات الدولية مبالغة جسيمة في تقدير الانبعاثات من الحيوانات الأفريقية التي ترعى في المراعي الطبيعية. عادة ما تُجرى تجارب الانبعاثات مع حيوانات تُرَبَّى من أجل الإنتاج الصناعي. وهي تجارب تتجاهل التنوع الجيني وفيزيولوجيّا الحيوانات الرعوية وسلوكها المتكيّفين، فضلاً عن تجاهلها المعرفة المحلية ومهارات رعي القطعان وتدريبها اللذين يشكّلان جوهر الرعي.

كي نتناول مشكلة تغيّر المناخ، نحتاج مقاربةً أوسع، ومزيدًا من البحث في ما تعنيه نظم الماشية المتنوعة فيما يتعلّق بالانبعاثات، بدلًا من السرديات المضلّلة عن «الماشية الشرّيرة».

كذلك، في نُظم الرعي المتنقلّة، يجري تكييف السلالات الأصلية على تناول علف رفيع التغذية إلى جانب العشب الخشن، بما في ذلك نَبْتٌ بمحتويات مرتفعة من حمض التنيك. ولا تتاح مثل هذه الممارسات الغذائية للحيوانات المحصورة لكن من شأنها أن تقلل إنتاج الميثان بشكل كبير. إذن، كي نتناول مشكلة تغيّر المناخ، نحتاج مقاربةً أوسع، ومزيدًا من البحث في ما تعنيه نظم الماشية المتنوعة فيما يتعلّق بالانبعاثات، بدلًا من السرديات المضلّلة عن «الماشية الشرّيرة».

تبالغ التقارير الصادرة عن كثير من المنظمات الدولية مبالغة جسيمة في تقدير الانبعاثات من الحيوانات الأفريقية التي ترعى في المراعي الطبيعية.

في النهاية، تتعلق الخيارات في كيفية معالجة أزمة المناخ بالعدالة والعلم. وعلى هذا الأساس، علينا أن نتساءل أين يجب أن نعطي الأولوية لخفض الانبعاثات؟ يُنظر إلى الميثان بصورة متزايدة على أنّه «غاز مثير للقلق». ويمكن أن نحقق «مكاسب سريعة» كبرى هنا من خلال الحدّ الواسع من التنقيب عن النفط والغاز والتصديع أو حظرهما، إذ يُصدران كميات هائلة من الميثان. أمّا في الزراعة، فيجب إعطاء الأولوية لخفض الانبعاثات من الإنتاج الحيواني الصناعي.

من الخطأ إضافة الرعي والأنظمة الموسّعة الأخرى إلى الاتفاقيات الجديدة حول قياس انبعاثات غازات الدفيئة والإبلاغ عنها والتحقق منها. وبدلًا من ذلك، يجب أن تركّز الالتزامات العالمية في شأن غاز الميثان على الملوِّثين الكبار: إنتاج النفط والغاز، ومكبّات النفايات، ومناجم الفحم، وتربية الماشية «الصناعية» المكثفة.

هل نحتاج اللحوم؟

هل اللحوم والحليب وغيرها من المنتجات الحيوانية مهمة لنُظم البشر الغذائية؟ ما من إجابة بسيطة عن هذا السؤال. للنُّظم الغذائية الغربية الحديثة التي تشتمل على كميات كبيرة من المنتجات الحيوانية والأطعمة المصنَّعة تأثيرات بيئية وصحية كبيرة، ولكن هل يعني هذا أنَّ علينا أن نتحوّل جميعًا إلى نُظم غذائية نباتية؟

حاولتْ دراساتٌ مختلفة أن تقترح نظامًا غذائيًا «مثاليًا» للبشر والكوكب. أشهر هذه النُّظم هو «نظام إيت-لانسيت الغذائي العالمي المرجعي» الذي ركّز على تخفيضات هائلة في استهلاك اللحوم الحمراء في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الدول الغربية الأكثر ثراءً. لكن تقرير هذا النظام لقي انتقادًا واسعًا لكونه شديد التبسيط. وعلى سبيل المثال، فإنَّ توصياته الغذائية تقترح تخفيض استهلاك اللحوم الحمراء حتى في أفريقيا. ولكن لدى مَن وأين؟ وأخيرًا، فقد طُرحت تساؤلات حول القدرة على تحمّل تكاليف البدائل النباتية للّحوم والألبان المُنتَجة صناعيًا.

لعلّ المناقشة الأكثر دقّة هي تلك التي تنطلق من أسئلة تتعلّق بالتوزيع (من يأكل ماذا؟)، والمحتوى الغذائي (كيف يمكن للبشر أن يحصلوا على عناصر غذائية أساسية لحياة صحّية؟)، والقدرة على تحمّل التكاليف (كيف يمكن للفقراء أن يحصلوا على تغذية لائقة؟).

تثير المناقشات حول السيادة الغذائية عددًا من الأسئلة الخصبة حول الكيفية التي يجب أن نغيّر بها أنظمتنا الغذائية، ومن يجب أن يتحكّم في هذا التغيير، ونوع النظام الغذائي الذي يجب أن نرمي إليه.

إن استهلاك المنتجات الحيوانية متباين للغاية، إذ تستهلك النخب الأكثر ثراءً على مستوى العالم نسبًا أكبر بكثير. والتباينات صارخة. ففي عام 2014، استهلك الشخص العادي حوالي 43 كغم من اللحوم، لكن هذا تراوح بين أكثر من 100 كغم في الولايات المتحدة وأستراليا و5 كغم فقط في الهند. وتخفي الأرقام الوطنية أيضًا تفاوتًا كبيرًا داخل كلّ بلد.

من الخطأ إضافة الرعي والأنظمة الموسّعة الأخرى إلى الاتفاقيات الجديدة حول قياس انبعاثات غازات الدفيئة، يجب أن تركّز الالتزامات العالمية في شأن غاز الميثان على الملوِّثين الكبار: إنتاج النفط والغاز، ومكبّات النفايات، ومناجم الفحم، وتربية الماشية «الصناعية» المكثفة.

تغيّرت هذه الأنماط تغيّرًا شديدًا بمرور الوقت. يُذبح اليوم أكثر من 80 مليار حيوان كل عام من أجل اللحوم. وينتج العالم أكثر من ثلاثة أضعاف كمية اللحوم التي كان ينتجها قبل 50 عامًا، إذ استُهلك حوالي 340 مليون طن في عام 2018. وخلال الفترة نفسها تضاعف استهلاك الحليب، إذ يُستهلك الحليب الآن بمقدار 800 مليون طن سنويًا.

في حين يشتمل كثير من الأنظمة الغذائية التقليدية على بعض اللحوم، يتفق معظم خبراء التغذية على أنَّ تناول مقدار كبير من المنتجات الحيوانية، لا سيما اللحوم المحوَّلة، يضرّ بالصحّة. وفي حين يمكن تمامًا عَيْشُ حياة صحية تعتمد على نظامٍ غذائي نباتي بالكامل، فإنَّ بعض أوجه القصور الغذائي قد تظهر لدى من يحاولون التوصّل إلى نظام غذائي مناسب ومتوازن. ويمكن للّحوم والحليب أن تكون مصادر قيّمة للغاية للبروتين عالي الكثافة ولعناصر غذائية دقيقة معيّنة.

يركّز قَدر كبير من النقاش الحديث حول أكل اللحوم على «البروتين» بوجهٍ خاص، لكنّ هذا من شأنه أن يعمينا عن رؤية أشمل للنُظم الغذائية الصحية في سياقها الاجتماعي والثقافي والبيئي. إذ ينتشر سوء التغذية على نطاق واسع في أجزاء كثيرة من العالم، ما يؤدي إلى التقزّم البدني وتأثيراتٍ على نموّ الدماغ. وتسلّط الدراسات في شرق أفريقيا وجنوبها وكذلك في جنوب آسيا الضوء على نقص الحديد وفيتامين أ والزنك وفيتامين ب 12 وحمض الفوليك والكالسيوم. وهي متوفرة حيويًا بكثرة في مصادر الغذاء الحيواني. وثمة حاجة إلى كميات كبيرة من الأطعمة النباتية كي تحلّ محلّ هذه الأطعمة. ويمكن أن تكون الأطعمة حيوانية المصدر ذات أهمية خاصة للأطفال الصغار والأمهات الحوامل والمرضعات، إذ توفّر تغذيةً قصوى بكميات صغيرة نسبيًا في لحظات حاسمة.

تُظهر دراساتٌ في أفريقيا وآسيا أنَّ الأطعمة حيوانية المصدر، إلى جانب الخضروات ذات الأوراق الخضراء، هي الأيسر تكلفة لكلّ وحدة من العناصر الغذائية المتاحة. وهذا يعني أنَّ شراء الكبد ولحم البقر والحليب والبيض والأسماك المجفّفة هو أمرٌ معقول للأشخاص الذين يعيشون على الحدّ، في المناطق التي تكون فيها هذه الأطعمة مقبولة ثقافيًا. وهي توفّر عددًا كبيرًا من العناصر الغذائية في شكلٍ مركّز وبأسعار معقولة. غير أنَّ كثيرًا من هذه الفوائد يضيع حين تكون المنتجات الحيوانية المتاحة ويسيرة التكلفة زائدة التصنيع والتّحويل، أو تُنتج بطرائق ضارة بالبيئة، أو تُحفظ مع إضافات يُحتمل أن تكون ضارة.

من بين الأسباب الجذرية لقصور النظم الغذائية انعدام المساواة الاقتصادية، والافتقار إلى إمكانية الوصول إلى الأرض لإنتاج الغذاء، وفقدان إمكانيّة الوصول إلى أصناف البذور المحلية ومفتوحة التلقيح، وفقدان إمكانية الوصول إلى مناطق صيد الأسماك التقليدية أو الأراضي المشتركة، وغياب السيطرة السياسية على النُّظم الغذائية. والسياسات الموجهة على نحو أحادي الجانب نحو «انتقال بروتيني» لا بدّ أن تفتقد كثيرًا من هذا التعقيد.

يختار كثيرون ألّا يأكلوا (بعض أو كلّ) المنتجات الحيوانية لأسباب دينية أو أخلاقية. وما يعنيه أخذ «الوصول إلى الأطعمة المناسبة ثقافيًا» على محمل الجدّ هو احترام هذه القناعات. والدفاع عن أهمية الرعي لا يقوِّض ذلك بأي حال من الأحوال. ويمكن لنُظُم الرعي، في الوقت ذاته، أن توفّر بديلًا لإنتاج اللحوم المكثف، قد يكون أيضًا أفضل بكثير لرفاه الحيوان.

سياسات نُظم الطعام

من الذي له الحقّ إعلان ما هو النظام الغذائي «الجيّد»، ومن الذي يحدّد ما هي النُّظم الغذائية المتاحة ولمن؟ ما السبيل إلى جعل الأطعمة الغنيّة بالمغذّيات منخفضة التكلفة وعالية الجودة متاحة بدلًا من الأغذية ذات الجودة الرديئة والمنتَجة على حساب الحيوانات والبقاع والنُّظم البيئية والعمّال؟

تتنوّع السيطرة على نظم الطعام وتحديدها تنوّعًا واسعًا للغاية على امتداد العالم، لكن تركّز الشركات قد حَدَّ من الخيارات المتاحة، لا سيما بالنسبة إلى الفقراء. ويُعدّ اختيار نظام غذائي صحي – سواء كان نباتي المصدر أم حيواني – أسهل بكثير للمستهلكين الأكثر ثراءً. وغالبًا ما يعني جني الأرباح من الطعام الرخيص والتخلّص من الأطعمة المعالَجة ورديئة النوعية بإلقاء عبئها على الفقراء. وهذا هو أساس أعمال «الّلحوم الكبيرة» (والألبان) التي تهيمن على الإنتاج العالمي مع تأثيرات سلبية كبيرة على البيئات والنُّظم الغذائية والرفاه.

في حين أنّ تناول كميات أقل من اللحوم قد يكون وسيلة مهمة للمستهلكين الأغنياء لتقليل تأثيرهم البيئي وتحسين صحتهم، فإنّ هذه الوصفة ليست صحيحة للجميع في كلّ مكان.

مع اشتداد الجدال حول النُّظم الغذائية المعتمِدة على الحيوان أو النبات، بدأ كثير من هذه الشركات بإنتاج «بدائل» للحوم والألبان. ونمت الاستثمارات في اللحوم «المصنَّعة» ونُظم التخمير الحيوي والمنتجات القائمة على النبات نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة. وتَرافَق ذلك بكثير من الضجيج والإعلان المكثف، وغالبًا ما يقدّم وعودًا مبالغًا فيها بنظام للطعام «أكثر خضرة».

يمكن أن تكون الأطعمة حيوانية المصدر ذات أهمية خاصة للأطفال الصغار والأمهات الحوامل والمرضعات، إذ توفّر تغذيةً قصوى بكميات صغيرة نسبيًا في لحظات حاسمة.

غالبًا ما يُروَّج لهذه البدائل من خلال شكل بالغ الضيق من أشكال «النزعة الغذاءوية» التي تتجاهل السياقات البيئية والاجتماعية والسياسية للخيارات الغذائية. ولا تعالج خيارات النظام الغذائي الجديدة لدى الميسورين التحديات الغذائية الأوسع. كما أنها ليست صحية بالضرورة، نظرًا إلى العناصر الداخلة في تركيبها والمواد المضافة إليها. كما أنّ تأثيرها البيئي قد يكون أسوأ من إنتاج اللحوم منخفضة التأثير، نظرًا إلى متطلبات الوقود الأحفوري في المصانع كثيفة استهلاك الطاقة. وقد روّج البيئويون في بعض الأحيان لهذه «البدائل»، كوسيلة للحدّ من نطاق الزراعة الحيوانية، لتوفير الأراضي لاستخدامات أخرى. غير أنَّ هذه التقنيات بحدّ ذاتها لا تقرّبنا من نظام غذائي عادل ومتجدد. ومن شأنها، بدلًا من ذلك، أن تعمّق اعتمادنا على عدد صغير من السلع المنتجة صناعيًا، وتعزّز سيطرة الشركات على نظامنا الغذائي، وتجعل ممارسة البشر للسيطرة السياسية على الطعام الذي يأكلونه وكيفية إنتاجه أمرًا أصعب.

لذلك يجب أن نكون حذرين في شأن العبارات المبسّطة حول التغيير في النُّظم الغذائية. ففي حين أنّ تناول كميات أقل من اللحوم قد يكون وسيلة مهمة للمستهلكين الأغنياء لتقليل تأثيرهم البيئي وتحسين صحتهم، فإنّ هذه الوصفة ليست صحيحة للجميع في كلّ مكان. ومن شأن التركيز الحصري على التغيير في النُّظم الغذائية أن يصرف انتباهنا عن رؤية أوسع لتغييرٍ في نظام الطعام يقلل من قوة الشركات ويضع السيطرة السياسية على هذا النظام في أيدي البشر. ولا بدّ أن تكون نظم الإنتاج الرعوية في المناطق الهامشية أساسية في مثل هذه التحولات.

  • المصدر الأصلي للمقال على الرابط
  • يمكنكم\ن الاطلاع على الكتاب وتحميله من الرابط