في كندا، يدافع الاتحاد الوطني للمزارعين (NFU) عن حقوق المزارعين والمزارعات في حفظ بذورهم وإعادة استخدامها ومشاركتها وبيعها. يندرج هذا في إطار نضالٍ ضد صناعة الأغذية الزراعية التي تعمل لصالح الشركات التجارية في كل مراحل دورة الإنتاج. يهدف هذا النضال إلى خلق مساحات يستطيع المزارعين فيها زراعة وحصاد أغذية صحية ومغذية، ومساحات نستطيع فيها تعزيز عملنا كعائلات زراعية. يشكل الدفاع عن البذور أحد الجوانب الأساسية للدفاع عن زراعتنا. ينتقي العديد من مزارعي الاتحاد الوطني للمزارعين بذورهم ويحفظونها ويعيدون استخدامها من أجل محاصيلهم. هذا الدفاع عن البذور يحدث كل يوم، في حقولنا. يدافع أيضًا اتحاد المزارعين الوطني عن بذورنا في الحقل السياسي. نحن حريصون بشكل خاص على ضمان احترام التشريعات الحكومية لحقنا في استخدام بذورنا. من أجل هذا، نضطلع بعمل إعلامي وإجراءات ضغط.
المزارعون الكنديون يواجهون الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية UPOV 91
يعود تاريخ عملنا للتأثير على التشريعات الكندية إلى الثمانينات. منذ عشرات السنين، تمكّن اتحاد المزارعين الوطني والمنظمات الأخرى المرتبطة به من إبطاء إصدار قوانين خاصة بحماية المستنبطات النباتية. تجعل هذه القوانين من الأصناف النباتية ملكية خاصة لصناعات التربية التي تقوم بتطويرها. لكن، اليوم، يُشكل الضغط الدولي والوطني على كندا للانضمام إلى الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية 91 تهديدًا قائما [انظر الإطار بعنوانUPOV 91 أو “قوانين مونسانتو”)]. يجري إخبار المزارعين والجمهور أن الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية 91 سيتيح للمزارعين الكنديين إمكانية الوصول إلى الأصناف المُحسنة والمبتكرة. إننا نرفض هذا الادعاء. إننا ضد هذا النوع من التشريع لأنه يغيّر بشكل أساسي العلاقة التي تربط بيننا، نحن، المزارعين والمزارعات، وبين بذورنا.
في كندا، لا تزال الغالبية العظمى من محاصيل الحقل تُزرع من البذور المحفوظة في المزارع. إن هذه الممارسة شائعة وتجرى بعقلانية. إن مرافق تنظيف البذور (التي يديرها المزارعون أو الشركات التجارية أو التعاونيات) متاحة دائمًا للمزارعين. ولكن كل هذا يتعرض للتهديد من قبل الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية 91، الذي يمنح المنتجين الحق في المطالبة برسوم ليس فقط على البذور، ولكن أيضًا على مبيعات المزارعين وعلى المنتجات المصنعة. تتحكم شركات البذور، بموجب الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية 91، أيضًا في تنقية البذور وتخزينها. يتنازل المدافعون عن الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية (UPOV 91) عما يسمى “امتياز المزارعين” الذي من شأنه أن يتيح للمزارعين حفظ بذورهم. لكن هذا يعني تغيير ممارسة قديمة. وسوف يوجب علينا ممارسة حقنا، بصفتنا مزارعين، كـ “امتياز” ممنوح لنا من قبل صناعة البذور!! والأكثر من ذلك، فإن هذا “الامتياز” رمزي بشكل كبير. بحيث يصبح ملغيا بحسب البنود الأخرى في الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية 91، والتي تتيح لشركات الانتاج شبه سيطرة على طريقة استخدام البذور وتخزينها ومعالجتها.
سنواظب ونواصل حماية بذورنا واستخدامها كركيزة لا بد منها لزراعة قائمة على الاستقلالية والأسرة. في إطار حملاتنا الإعلامية، أنتج اتحاد المزارعين الوطني والزراعة سلسلة من النشرات تتيح للجمهور والمزارعين فهم قضية البذور ومتابعة تطورها. يساعد هذا الجمهور على فهم ما هو مهم لأجل الأسر الزراعية ومعرفة الإجراءات التي يمكن اتخاذها دفاعا عن حقوق المزارعين والمزارعات من أجل استخدام بذورهم الخاصة.
النضال ضد المواد المعدلة وراثيًا
في كندا، كان من ضمن نضالاتنا الأخرى رفض المواد المعدلة وراثيًا. في نهاية التسعينيات، نظمنا رفقة منظمات أخرى بنجاح، حملة لوقف إدخال تكنولوجيا تُعرف باسم البذور “terminator ” (+). كان من شأن تكنولوجيا إنتاج البذور هذه أن تجعل البذور الزراعية عقيمة، أي غير منتجة بعد دورة حياة واحدة. مؤخرا، في العام 2004، بفعل حملاتنا وبسبب تنظيمنا مع مجموعات كندية أخرى، تخلت شركة مونسانتو متعددة الجنسيات عن برنامجها لعمل أبحاث ميدانية على القمح المعدل وراثياً. بلغ هذا العمل ذروته بإطلاق حملة “لنحافظ على بذورنا”، المتضمنة لاجتماعات عامة بهدف خلق دعم أوسع بين السكان.
إننا اليوم أمام وضع مشابه في نضالنا ضد اتفاقية البرسيم المعدل وراثيًا. تزعُم صناعة البذور أنه لا يوجد هناك خطر تلوث مزارع البرسيم الخاصة بنا بواسطة البرسيم المعدل وراثياً. رغم ذلك، أظهرت لنا التجربة أن حقولنا دون شك ستتلوث بهذه النباتات الخطرة. أيضا، فإن هذه النباتات المعدلة وراثيًا هي ملكية خاصة تحميها براءات اختراع. في الماضي، جرت متابعة العديد من المزارعين الكنديين في المحكمة وأجبروا على أداء غرامات حين تقاطعت نباتات محمية ببراءة اختراع مع نباتاتهم وانتهى بها المطاف في حقولهم. لا يهدد هذا الوضع سبل عيش المزارعين والمزارعات فقط، بل سوف يهدد أيضًا سوق جميع المنتجات الزراعية التي تحتوي على البرسيم (مثلا، البراعم أو المكملات الغذائية) أو سوق المنتجات التي يُستخدم البرسيم المعدل وراثيًا في إنتاجها (كمثال، علف الماشية أو السماد الأخضر المستعمل لتحسين التربة). في أبريل من العام 2013، تجمّع آلاف المزارعين وغيرهم من المتضررين من هذا المشكل في أكثر من 38 موقعًا في جميع أنحاء كندا، من أجل إظهار معارضتهم لهذه التهديدات. جذبت هذه التحركات أنظار وسائل الإعلام الوطنية والمسؤولين الحكوميين ومؤيدي شركات البذور. طالبنا بتعليق إدخال واستخدام البرسيم المعدل وراثياً. سيواصل اتحاد المزارعين الوطني والمنظمات الكندية الأخرى مراقبة التكتيكات التي تستخدمها صناعات المواد المعدلة وراثيًا وحكوماتنا، التي كثيرًا ما تمتثل لرغبات شركات الأعمال الزراعية القوية اقتصاديًا مثل “مونسانتو”.
تبادل البذور
في جميع أنحاء كندا، يشارك أو ينظم العديد من المزارعين، رجالاً ونساءً، أنشطة وفعاليات متعلقة بالبذور، تسمى ” أيام السبت للبذور” أو “أيام الآحاد للبذور”. في العام 2012، جرى تنظيم أكثر من مائة فعالية باسم “أيام سبت البذور” في جميع أنحاء كندا. يجري تنظيم المزيد من الفعاليات كل عام. تستهدف هذه الفعاليات المزارعين في المناطق القروية والحضرية والبستانيين أيضا. تشهد هذه الأنشطة زخماً حقيقيًا وأضحت شعبية بشكل متزايد. تُجسد مثل هذه الفعاليات دورًا مهمًا في دعم قدرة المزارعين وإرادتهم للعودة إلى استخدام بذورهم الخاصة. تمثل ورش العمل حول كيفيات الحفاظ على البذور فرص للنقاش وتبادل المعلومات بين المزارعين ذوي الخبرة والمزارعين الجدد، بهدف تبادل النصائح التقنية. لكن هذه الفعاليات سياسية أيضاً. إننا نتبادل المعلومات ونقوم بصياغة تحليلاً مشتركاً للمشاكل التي تهدد تغذيتنا وتضعها تحت سيطرة الشركات التجارية. غالبًا ما يشارك المزارعون من اتحاد المزارعين الوطني في هذه الفعاليات. في رسالتهم، يؤكدون على أهمية أن تكون البذور جانبًا أساسيًا في حركة دولية من أجل بناء سيادة غذائية للشعوب والجماعات في جميع أنحاء العالم.
الاتحاد الوطني للمزارعين، كندا
المقال أعلاه مأخوذ من كتاب: “لافيا كامبيسينا: بذورنا، مستقبلنا“.
(+): تقنية الحد من الاستخدام الجيني يرمز لها GURT من (Genetic use restriction technology) هي تقنية يتم إجراء الأبحاث عنها حالياً تهدف إلى تطوير وسائل بغية الحد من استخدام الأغذية المعدلة وراثياً عن طريق جعل بذور الجيل الثاني عقيمة. ويكبيديا (م)